الأحد، 26 أكتوبر 2014

مؤتمرات الوطني وأثرها على الحوار الوطني!

لو أن الساحة السياسية السودانية والممارسة الحزبية من قبل كل القوى والأحزاب الموجودة على سطح الحياة السياسية في الراهن السوداني كانت على قدر المسئولية الوطنية والإدراك والوعي السياسي المطلوب فقد كان من المكن أن يشهد السودان طوال الأشهر الماضية المنصرمة العديد من المؤتمرات الحزبية العامة التي تعقدها الأحزاب السياسية على الأقل لتهيئة نفسها جيداً لحدثين شديدي الأهمية وهما الحوار الوطني بكل ما يعنيه من تفاعل مع لغة الحوار والنقاش والطرح الوطني الجاد، والانتخابات العامة المرتقبة لكل ما تقتضيه من إعداد تنظيمي وتجديد للهياكل والقيادات والرؤى والسياسات.
الشيء المؤسف وربما كان مؤلماً في ذات الوقت أن الأحزاب السياسية المعارضة ظلت ومنذ ما يجاوز الربع قرن متجمدة متوقفة فى محطة ما قبل يونيو 1989م. لم تبدي حماساً لعقد مؤتمراتها العامة ولم تطرح رؤى جديدة، لم تستحدث أفكار تفيد السودان فى أي مجال كان من المجالات التى يعاني منها والأكثر إيلاماً أنه وحالما طرح الوطني وثبته الشهيرة فى يناير 2014 وبدلاً من أن تعتبر هذه القوى السياسية الوثبة بمثابة فاصلة جديدة لإعداد نفسها للمسرح، جلست وبدأت فى اجترار شروطها واعتقدت -طبعاً خطاً- أن التغيير الشامل الكبير جاءها على طبق من ذهب ولم يكلفها مظاهرة أو انتفاضة أو ثورة.
لقد ظلت القوى السياسية ترقب المؤتمر الوطني وهو يعقد مؤتمراته القاعدية ويناقش ويطرح رؤى عضويته ويحدد مرشحيه للرئاسة وهي تطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتأجيل الانتخابات العامة وتشكيل حكومة انتقالية! إن المؤتمر العام للحزب الوطني الذي بدأت فعالياته منذ انطلاق مؤتمرات الأساس القاعدية -للمفارقات- ومع أن القوى السياسية وقفت تتفرج على عليه إلا انه ومع كل ذلك يمكن اعتبارها ذي فائدة ايجابية على المناخ العام السائد وإذا جاز لنا تعداد مزايا انعقاد المؤتمر العام على قضية الحوار الوطني فإن بإمكاننا أن نلحظ:
أولاً، الحراك التنظيمي الواسع النطاق داخل الوطني وتجديد قياداته و إعداد مرشحيه للمناصب المختلفة أعطى الساحة السياسية بصفة عامة وبطريقة أو بأخرى زخماً سياسياً أعاد الى الأذهان ضرورة أن تفعل كل القوي ما فعله الوطني، خاصة تلك الأحزاب التقليدية التي قضت أكثر من نصف قرن بذات قياداتها التاريخية وعلى ذلك فإن فائدة هذا الحراك الضخم الذي بدأه وابتدره المؤتمر الوطني أنه أصبح (نهجاً ملزماً) لبقية القوى السياسية من المستحيل أن تنهض هذه القوى السياسية دون أن تمر بهذه التجربة الحتمية. وبذا يكون الوطني -عملياً- قد حدد إطار عملي للقوى والأحزاب الجديرة بالاحترام والتي من الممكن أن تعمل بفاعلية فى الساحة السياسية إذ أن الذي يريد أن ينافس حزب كهذا عليه أن يجدد قياداته وخلاياه وأن يتفوق على نفسه.
ثانياً، المؤتمر العام للوطني وضع سقفاً محدداً للعطاء السياسي لا مفر من أن تصنعه الأحزاب الأخرى فى اعتبارها فحتى فى ملاعب كرة القدم والمباريات فإن كل فريق عليه أن يقتفي أثر إعدادات واستعدادات الفريق الآخر وتكتيكاته واستراتيجياته وإلا لم يعد الفريق قادراً على المنافسة. ثالثاً، إثبات الوطني عملياً لبقية القوى السياسية أنه قادر على إنتاج القادة شكل تحدياً كبيراً لهذه القوى وهو أمر عانت و ما تزال تعاني منه الساحة السياسية السودانية، إذ استطاع الوطني -بمران ديمقراطي واعي ومعافى- أن يجري عملية اختيار مرشحيه للرئاسة. وعلى كل فإن مجمل ما يمكن القول أنه أفاد الساحة السياسية من الممكن أن يخدم بفاعلية قضية الحوار الوطني أن الكل -أحزاب ومواطنين- رأوا وسمعوا لأشهر متتالية طريقة إدارة الوطني لنفسه فى مؤتمراته وكيفية تعامله مع عضويته وكيفية استنباط الخطط والبرامج السياسية المفيدة للبلاد مما يجعله بمثابة كتاب مفتوح سهل القراءة وهو ما يفضي في خاتمة المطاف إلى أن يصبح التحاور معه واضح المعالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق