الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

طيبة وباريس

أول ما خطر على بالي عند سماعي خبر توجه معارضين إلى طيبة للتوافق على ميثاق جديد هو التساؤل: هل بقى للمعارضة بند لم تضمنه مواثيقها السابقة على كثرتها؟.. صبرت حتى أرى بنود الميثاق الجديد فوجدته قديماً لمي خرج عن العمل على تغيير النظام، وخلق سودان ديمقراطي حر يقيم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة مع الإشارات المألوفة للحكم المركزي والعلاقات الخارجية.. وتساءلت ثانية لماذا نعيد المعارضة إنتاج مواثيق سابقة؟ وضغط على التساؤل أكثر وأنا أحس بالإرباك الذي تحدثه كثرة المواثيق المتشابهة فتساءلت ثانية ألا تستشعر المعارضة خطر كثرة المواثيق على أتباعها، فيتوهون بين طيبة، وباريس، وجدة، وجيبوتي، وكمبالا، والقاهرة، وجنيف، غير الذي أسقطته الذاكرة؟ لم أجد إجابة سوى إحساس خفي عند المعارضة بموت ميثاق سابق، فتعمل على بعثه تحت مسمى جديد.. وإلا لأبقت على الميثاق الحي وعملت على تطويره وتنفيذه.. ويبدو أن المعارضة أصبحت تستعجل موت مواثيقها من كثرة الفتور السريع الذي يعترى أعضاءها تجاه أي ميثاق.. فعمدت هذه المرة إلى الإسراع إلى ميثاق طيبة رغم أن إعلان باريس ما زال يحمل أسباب القوة.. بل واكتسب في أديس أباب قوة إضافية بحضور وتوقيع المبعوث الأفريقي الرفيع أمبيكي.. وأتساءل عن سر المكان.. لماذا طيبة؟ كأن الشيخ أزرق طيبة يمثل في السابق ملاذاً للمعارضة، حين كانت أحوج ما تكون إلى رمز ديني تواجه به خطاب الإنقاذ الإسلامي..أما وقد تجاوزت البلاد مرحلة الاستقطاب الديني وتحولت إلى استقطاب سياسي.. قلم يعد الشيخ يمثل ذات الأهمية السابقة.. وأدرك هو بحسه السياسي هذا الانتقال، فأصبح راعياً لحزب بعينه هو الحزب الوطني الاتحادي الذي لم يشارك في اللقاء الأخير.. وليس من دلالة أوضح من غياب حزب الشيخ، على أن أزرق طيبة كان مجرد مضيف واستقبل أولئك القادة من منطلق صوفي..حيث يعرف أن أهل السجادة لا يردون ولا يصدون أي راغب في القدوم إليهم.
خلاصة القول إن ميثاق طيبة تكرار بلا داع لمبادئ سبق إعلانها، وتمثل إعادتها إرباكاً وخوفاً من أن تكون المعارضة قد اعترفت ضمناً بموت إعلان باريس رغم أهميته.. إعلان المبادئ الذي وقع عليه غازي صلاح الدين الممثل لأحزاب المعارضة في الحوار الوطني.. ووقع عليه أحمد سعد عمر من أحزاب الحوار المشاركة في الحكم.. ووقع عليه في وثيقة مماثلة الصادق المهدي ومالك عقار.. هو أرفع تمثيلاً بما لا يقارن مع ميثاق طيبة، فلماذا تسعى المعارضة لوثيقة أقل تمثيلاً؟ ألا تدعو الخطوة للتساؤل والخوف؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق