الأحد، 26 أكتوبر 2014

أبو عيسى حائراً متوجساً!

أخيراً فقد انتهى المطاف برئيس هيئة تحالف المعارضة السودانية أو كما يطلقون على انفسهم (قوى الاجماع الوطني) الاستاذ فاروق أبو عيسى بأن اصبح الرجل رئيساً لهيئة تضم فقط3 أحزاب سياسية هي أحزبا المؤتمر السوداني، والحزب الشيوعي، حزب البعث بزعامة على الريح السنهوري!
وبالطبع الأمر لا يحتاج لكبير عناء لإدراك طبيعة هذا الاجماع الذي تقوم ركائزه على اعمدة ثلاثة احزاب سياسية بعضها انقسم لعشرات المرات منذ سبعينات القرن الماضي (الحزب الشيوعي) وبعضها بالكاد يتلمس خطاه حالياً ويحاول ان يشق طريقه برغم (رابطة الدم والجينات الواضحة) التي تربطه بالحزب الشيوعي السوداني؛ والثالث منقسم منذ ظهوره الى أرض الواقع فى بلد الشام والعراق وإزداد انقساماً هنا في السودان فى الآونة الاخيرة (البعث)!
ولكن مع كل ذلك فلا ضير من أن يترأس السيد ابو عيسى ما يراه من قوى الاجماع هذه ويظل على رأس هيئته؛ فالرجل من الاساس لا يملك حزباً محدداً ينتمي اليه ومن حقه ان يختار لنفسه لقب (عمدة بلا أطيان)! ولكن من الغريب ان يظل ابو عيسى رغم كل المياه التى ظلت تجري من تحت الجسر(عمدة) للهيئة المعارضة دون أن يتأمل في تفاصيل المشهد السياسي بقدر من العناية الفاحصة. ذلك ان احزاب المؤتمر الشعبي والأمة القومي اللتين اتخذتا موقفاً من التحالف وجمدتا أنشطتهما فيه لا شك انها قرأت الاوضاع بطريقة عملية، فالشعبي تمسك بعملية الحوار الوطني للمصلحة الوطنية العليا ولإدراكه ان الحوار هو السبيل الاوحد لحلحلة ازمات البلاد. الامة القومي طاشت سهامه مؤخراً حين اتخذ زعيمه قراراً فردياً يائساً وبائساً بعقده لاتفاق مع الجبهة الثورية.
أبوعيسى في الحالتين، حالة الشعبي وحالة الامة القومي بدا تائهاً ومشوشاً، مع ان الرجل يدرك ان السياسية شيء متحرك، ولعل الاكثر غرابة ان ابو عيسى استشاط غضاً من (اعلان باريس) حين ساوره اعتقاد بأن المهدي والثورية وقعاً اعلان باريس بغرض خلق (تحالف جديد)! أزمة أبو عيسى بطبيعة الحال هنا إنما ترتكز فى انه يتوجس من أن تتجاوزه الظروف والمعطيات ويصبح على هامش الحياة السياسية في المعارضة!
حساسية ابو عيسى حيال المهدي والثورية -لمفارقات السياسة وغرائبها- تحولت الى حالة خاصة يتقاتل فيها ابو عيسى من اجل مقعده الرئاسي ومخافة ان تنتاشه سهام الثورية فى صدره السياسي الثمانيني المتعب! وهذا ما قاد أبوعيسى الى مهاجمة الثورية نفسها وتوجيه اتهام لبعض ممن يتعاملون معها بأنهم يقبضون الاموال ليفعلوا بالمعارضة الأفاعيل.
لقد بدا ابو عيسى -ولو متأخراً جداً- يدرك ان ارتباطات الثورية مشبوهة وان (المال) يلعب فيها دوراً رئيسياً مؤثرا. ومع تفاقم أزمة أبوعيسى وهيئته المعارضة ضمر جسد قوى الاجماع وخارت قواه تماماً، فإن أحداً ليس بوسعه فهم ما يمكن ان تنتهي اليه هياكل التحالف القريب المسافة من (نفايات التاريخ) ولا يدري أحد ما اذا كان السر وراء إصرار أبو عيسى شخصياً على ان يظل هو وحده ودون غيره رئيساً لهيئة التحالف، مع أنه ليس بزعيم لحزب وهناك زعماء لأحزاب منضوون تحت التحالف اكبر أثراً ولكن من المؤكد ان ابو عيسى يستشعر ان قادة الجبهة الثورية بدئوا فى التكشير عن أنيابهم حيال كل ما هو عربي، كما بدأت قضية العنصر واللون تلعب لعبتها والأمر واضح وماثل للعيان.
ولهذا فإن السؤال الذي ينبغي على ابو عيسى ان يجيب عليه قبل فوات الاوان هو هل أدرك الرجل مراميه وأهداف الجبهة الثورية؟ ولماذا ظلت وثيقة الصلة بالتحالف حينما كان بداخله الشعبي والأمة القومي ولم تعد كذلك الآن؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق