الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

قيام الانتخابات في موعدها!

تستهين قوى سياسية عديدة بقضية الانتخابات العامة المزمع قيامها فى ابريل من العام المقبل 2015 وتراهن بعض هذه القوى على عدم قيامها في موعدها حتى تتاح لها فرصاً أكبر -باعتقادها- لإعداد نفسها لها في مناخ مختلف يكون فيه الوطني خارج سياق المعادلة السياسية، بشكل أو آخر.
والواقع ان قيام الانتخابات فى موعدها كما ظلت تؤكد العديد من قيادات الدولة وكان آخرهم مساعد الرئيس، بروفسير غندور فى المؤتمر الصحفي الذي عقده مؤخراً بقاعة الشهيد الزبير، وهي قضية استراتجية دستورية محضة. ومن الغريب ان تطالب قوى سياسية ما دخلت الملعب السياسي من الاساس إلاّ لكي تعرض نفسها على الاختبار الشعبي، بإحداث فراغ دستوري خطير وترك الامور لتصبح فى شك فوضى.
فإذا كان هدف الولايات المتحدة حين طالب مبعوثها الخاص (بوث) بتأجيل الاستحقاق الانتخابي يمكن فهمه فى سياق ما أصطلح عليه تسميته (بالفوضى الخلاقة) التي نجحت واشنطن في إغراق العديد من بلدان العامل فيها لأغراض خاصة بمصالحها كما فعلت في العراق والصومال وليبيا واليمن؛ فإن مطالبة القوى السياسية السودانية التى كانت على علم مسبق -منذ 5 أعوام- بأجل هذه الانتخابات العامة تبدو مطالبة غير منطقية على الاطلاق وبالإمكان إجمال اسباب ذلك في عدة نقاط:
أولاً، لم تفقد الحكومة القائمة حالياً في السودان شرعيتها السياسية التى حصلت عليها -على الأقل فى استحقاق العام 2010 فلا هي سقطت بانتفاضة شعبية ولا لحقت بها هزيمة عسكرية أطاحت بها ولا طرحت الحكومة السودانية هي نفسها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة قضية شرعيتها على اية طاولة سياسية حين طرحت قضية الحوار الوطني. وإذا كان البعض فهم الدعوة للحوار على أنها دعوة للقدح فى شرعية الحكومة وتسليم منها بفشلها وضعفها، فإن المسئول الوحيد عن هذا التفسير الخاطئ هو من فهمه على هذا النحو الغريب.
ثانياً، من الممكن ان تفضي مخرجات الحوار الوطني الى توافق حول أمور استراتجية عديدة ربما يكون من بينها تأجيل الانتخابات العامة فلا أحد يعلم مسبقاً بما سوف تخرج به فعاليات الحوار الوطني، ولكن هذا لم يحدث بعد كما ان التأجيل نفسه إنما ينبني على أسس معينة بمحددات معينة وفي ظل توافق سياسي كامل من الجميع ولكن كيف للحكومة ولم يتقرر شيء بعد ان تبادر بدون أدنى مبرر باتخاذ قرار كهذا؟ بل إن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هنا، ما الفائدة المرتجاة -سياسياً- من تأجيل الانتخابات العامة، هل التأجيل سوف يعيد البريق لتلك القوى التى فقدت جماهيرها وسقطت من ذاكرة الناس؟ هل تأجيل الانتخابات العامة سوف يجمل المواقف والأطروحات البائرة التي تطرحها القوى السياسية المعارضة؟
إن الحزب الواثق من أطروحاته وبرامجه لا يتهيب هذا الاختبار الشعبي ولا يطالب بانتخابات عامة تأتي بعد أن يضمن فوزه وحده! العملية الانتخابية عملية تنافسية، البارع والقوى وصاحب الاطروحة الجيدة هو من يربح.
ثالثاُ، لنفرض ان الحكومة السودانية قررت الآن تأجيل الانتخابات العامة بقرار أحادي من جانبها، ما هي الوسيلة المثلى لضمان انشاء حكومة تشرف على العملية الانتخابية وفق مطالب القوى المعارضة؟ من بيده أن يلم شعث القوى السياسية المبعثرة المتعنتة؟ وما هو السقف الزمني لهذا الأمر فإذا كان مجرد الاعداد للحوار الوطني تطلب وقتاً طويلا وامتنعت خلالها قوى سياسية عن المشاركة، وعبثت قوى أخرى بالحوار نفسه واستهانت به، فكيف يمكن المغامرة بإحداث فراغ دستوري في بلد يعاني تعقيدات مسلحة على أطرافه؟
ان الذين يطالبون بهذه المطالب لا ينظرون الى الامر من وجهة موضوعية دوافعية سليمة، في الغالب هم أناس يريدون سقوط الحكومة وبعدها فليكن الطوفان، لا يهم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق