الخميس، 23 أكتوبر 2014

قريباً من ظلال وكواليس المؤتمر العام للوطني!

يتفق الناس أو يختلفوا حول أداء حزب المؤتمر الوطني السياسي والتنفيذي كحزب حاكم واجه ولا يزال يواجه تحديات مفصلية وعصية طوال ما يربو على ربع قرن من الزمان. ويختلفوا أو يتفقوا أيضاً حول بعض الإخفاقات هنا وهناك وما كان يمكن تفاديه، وما كان من السهل انجازه، فهذه فى الواقع طبيعة الحكم ومقتضياته، بعض الأخطاء هنا، وقليل من الهنات هناك والكثير مما هو مطلوب بإلحاح الآن وفى المستقبل. هذه أمور قابلة للأخذ والرد تبعاً لكل قضية ولكل معالجة رآها الوطني حيال ما واجه من إشكالات طوال مسيرته الشاقة التي خلت تماماً من الورود والرياحين.
ولكن الأمر الذي لا يثير الكثير من الجدل فى هذا الصدد، أن هذا الحزب استطاع أن يحافظ على إرثه وأدبه السياسي والتنظيمي طازجاً وجاذباً برغم كل الظروف الصعبة التي واجهها. فمن جانب أول: فإن من الصعب أن يتمكن حزب  يقود بلداً كالسودان تحيط به المشاكل والتعقيدات السياسية والاقتصادية والأمنية من عقد مؤتمراته القاعدية بنجاح رغم بعض الهنات هنا وهناك والتي عكست جانباً من بعض الأخطاء والتي أقر بها الحزب واستهجنها.
وعلى ذلك فإن من المهم هنا أن نشير إلى انه ومهما كانت انتقادات البعض للحزب واتهاماتهم له فإن نجاح الحزب فى قيادته البلاد بكل ما فيها من تعقيدات وتحديات صعبة، وقيادة نفسه وتنظيم بيته من الداخل يستحق الإشادة لأن ذلك -وعلى الأقل فى التاريخ السياسي للأحزاب السودانية منذ الاستقلال في العام 1956م- لم يحدث قط.
ومن جانب ثاني وبصرف النظر عن الرقم الحقيقي لعضوية المؤتمر الوطني والتي هي فى كل الأحوال لا يمكن الاستهانة بها موضوعياً، فإن تماسك الحزب طوال فترة عقد المؤتمرات القاعدية فيه تأكيد على أن عضوية الحزب ليست مهولة فحسب ولكنها فى ذات الوقت عضوية تتحلى بقدر من الوعي الملحوظ وليس سراً فى هذا الصدد أن كل النشطاء فى الأحزاب السياسية يعرفون يقيناً أنه وفي ظروف السودان المعروفة ومع انتشار نسبة الأمية وارتفاعها ووجود العامل القبلي فإن من الصعب -إن لم يكن مستحيلاً- أن يستطيع حزب المحافظة على أدائه التنظيمي وعضويته النوعية إن لم يكن حزباً جاداً عميق الطرح.
ولئن يزعم البعض أن الحزب يستفيد من السلطة فى بسط وجوده فهذه الفرضية للأسف الشديد وعلى العكس تماماً مما يرددونه ليست صحيحة وذلك لسبب بسيط وهو أن هناك حروب على الأطراف وحركات تمرد كان من الممكن أن تضعف الحزب ومن ثم إحصائية عضويته، ولكن لدهشة المراقبين فإن ذلك لم يحدث رغم كل السلاح والقوة التي حصل عليها ولا يزال يحصل عليها الذين يقاتلون الحكومة السودانية وبعضهم شق طريقه مباشرة نحو العاصمة الخرطوم مهاجماً لها -كما فعل خليل فى العاشر من مايو 2008- .
من جانب ثالث, فإن الحزب لو كان قائما على عضوية هشة وليست حقيقية فقد كانت النتيجة المحتومة أن المؤتمرات القاعدية التي جرت كان من الممكن أن تحد ث فيها انفجارات وخلافات أو أن يستغلها البعض لصالح أجنداتهم ولكن أيضاً هذا لم يحدث، بل الأمر المستغرب أن المئات من هذه المؤتمرات القاعدية كانت قد دفعت بتوصيات تطالب بإعادة ترشيح الرئيس البشير وهو أمر كان واضحاً من خلال وقائع إنعقاد المؤتمرات والتي كانت مرئية ومسموعة الصوت ولم يقل أحد حتى الآن أن تلك المؤتمرات اتخذت طريقة إملائية!
وعلى ذلك فإن الوطني فى الواقع أثبت بأدلة واضحة ماثلة للعيان انه حزب قائم على أفكار وأطروحات ورؤى حقيقية حتى مع كونه فى السلطة؛ فلو كان خاوي الوفاض من كل ذلك فإن أحداً لم يكن ليجد أدنى دافع للتمسك بعضويته ممن هم لا يتمتعون بعضويته إذ لا يعقل أن يحافظ حزب على عضويته لما يجاوز الربع قرن مع العلم أن الشعب السوداني سريع الملل والسأم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق