الخميس، 30 أكتوبر 2014

محكمة لاهاي جنائية أم سياسية

في محاضرة الدكتور ديفيد هويل التي انعقدت يوم الاثنين 27/10 بدار المحامين السودانيين بالخرطوم، لتدشين كتابه (العدالة المنكورة) أهم ما في تدشين الكتاب، أنه كان بين مفكرين وباحثين في القانون، وليس بين محترفي السياسة، لذلك لم تكن مناقشاتهم محكومة بحسابات أو تحيزات مسبقة، ولا سيما أن الكتاب يقوم على نقد المحكمة الجنائية الدولية من ناحية قانونية كحد أدنى، وإنكار شرعيتها تماماً كحد أقصى، وإن شئت الدقة فقل إن محكمة الظلم الأوربي في ظل هذا الكتاب لن يكون لها وجود حقيقي، إما جثة هامدة، أو محالة إلى مزبلة التاريخ! في لحظة أدركت أن ما يدور حول المحكمة الجنائية الدولية يتسم أغلبه بالتبسيط الشديد، فالكثرة تخوض في الموضوع دون أن تعرف عمقه وأبعاده، وإنما تلوك المصطلح أحياناً من باب المسايرة، وأحياناً من باب المكايدة، والقلة تصدر أصواتاً معرفية تحسبها علماً، وهي أخذة من العلم قشوره وبعض مفرداته! كلام رئيس مركز الدراسات الأفريقية بلندن في دار المحامين كان أ:ثر موضوعية وعمقاً، ومن ثم أكثر جدية ومسؤولية وللأسف، فإننا سنضطر إلى تركيزه واختصاره، حيث لا يتسع المقام لإثبات كل ما قيل خلال ثلاث ساعات، سنثبت فقط أهم ما قيل حول العدالة الدولية، في هذا الصدد قال (إن المحكمة الجنائية الدولية عند تكوينها اعتبرها كثير من الدول وخاصة دول العالم الثالث أنها أداة لحل كثير من أنواع الظلم في العالم، والحقيقة هي أداة خطرة ووجه قبيح للهيمنة ووجودها لا علاقة له بالعدل، ولدعم الأجندة السياسية للدول المهيمنة التي تمارس بعض الخروقات على نظامها الأساسي. لقد كان مدهشاً أن ميزانية المحكمة تدفع من دول بعينها، وهذا يعتبر خرقاً لميثاق المحكمة الذي ينص على أن لا تزيد حصة الدولة عن 22%، وكان الأكثر مدعاة للدهشة أن يدفع الاتحاد الأوربي 66% وهذا دليل على الهيمنة والتحكم أما المفارقة المحيرة حقاً، فهي أن يقول الاتحاد الأوربي لفلسطين (لا تنضمي إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى لا نسحب منك المساعدات) وهذا دليل على أن المحكمة المرفوع (العدالة قبل الأمن) خرق من بريطانيا في حربها مع إيرلندا والتي دامت (30) عاماً، ثم مفاوضات وصلت إلى نتائجها المرغوبة إلى سلام، وفي هذه الحالة تحقق الأمن ومن ثم العدالة.
حشدت المحكمة الطاقات، وجيشت الجيوش لخدمة شمال العالم على جنوبه لمصلحة السياسة الأوربية والأمريكية، وقامت بغزو أفريقيا وحولتها إلى دول توظف لصالح الإنسان الغربي، ومن هذه الزاوية ذكر الدكتور/ ديفيد أن أرض المعركة ليست لندن أو لاهاي، ولكن أرض المعركة في القارة الأفريقية، وأهم ميادينها وأحيائها في الخرطوم، وطرابلس، ونيروبي، وموقف السودان كان موقفاً شجاعاً وصحيحاً قاده للمقاومة والمعارضة لمحكمة عنصرية ليس لديها كفاءة وقضاتها غير مؤهلين. هذه المناطق يمكن أن تنهض على المحكمة بالأفكار، وما تحتاجه المعركة اتحاد (3) أو (4) دول منها تناهض المحكمة. إذا حدث هذا ستنتهي سريعاً محكمة الظلم الأوربي وتصبح في حكم العدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق