الأحد، 26 أكتوبر 2014

يستفتون على البشير والأحزاب لم تستفتي على رئاستها أحداً

أحبه الناس وألفه الشعب لدرجة أن الشارع العام أخذ يتساءل إبان حراك حزبه الداخلي : وهل ثمة بديل للبشير؟ لكن حزبه كان أكبر من تساؤلات الشارع، فقد برهن للناس أن حواءه ولود، وأن فيه من يستطيع خلافة البشير من حيث الكفاءة والقدرات وأنه حتى لا يقدس أحداً لألزم نفسه في لائحة أقرها البشير نفسه جوزت أن يتمكن الحزب من تسمية خمسة أشخاص ترشيحاً لمنصب رئيسه، فجاءت الإجابة أنه ليس كأي حزب آخر في السودان يستطيع أن يسمي أكثر من شخص لرئاسته، ولكن في الوقت ذاته لا يغضب الرئيس من ترشحهم لمنازلته، بل إن جل الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على منافسة الرئيس في الشورى من أجل إرسال رسالة الحزب بأنه ملئ بالقيادات والقامات، ليضربوا أروع الأمثلة في الأخلاق التي لم تتوافر حتى في التنافس الرياضي، فقد قدم المؤتمر الوطني تجربة رائدة في أنه يستطيع إعمال الشورى وابتدار التجارب وريادتها قبل بقية الأحزاب السياسية السودانية، ويستطيع في الوقت ذاته المحافظة على وحدة صفه واتحاد لحمته وترابط سداته. إنها المرة الأولى في محيطنا التي يقبل فيها حزب حاكم على الإستفتاء على رئيسه الذي هو رئيس الجمهورية داخل حزبه بهذه الكيفية المنظمة والعملية المحكمة التي تضاهي الانتخابات العامة من حيث وجود لجنة مستقلة للانتخابات شأنها شأن مفوضية الانتخابات، فقد كانت مفتوحة لوسائل الإعلام تنقلها صورة واضحة تبثها القنوات اصطفافاً أمام اللجان الانتخابية من أجل الإدلاء بالأصوات، هذه هي صورة السودان التي يعمي عنها الآخر بصره ويصم عنها آذانه وهي الجديرة بالإحتفاء. لم تكتف لوائح الوطني بأن يكون التصويت على المرشحين الخمسة لمنصب الرئيس ليكون أولهم هو المرشح الفائز، رغم أن المرجعية الفقهية تقول بأن مجلس الشورى يقوم مقام أهل الحل والعقد الذين إن بايعوا إماماً وجبت بيعته كما حدث في خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه حول إختيار الشورى إلى المؤتمر العام الجهاز الأعلى الذي يضم نحو 6350 عضواً جاؤوا منتخبين مرة بعد مرة خياراً من خيار صعوداً من القرى والفرقان والبوادي والأحياء السكنية إلى المناطق ثم المحليات ثم الولايات والقطاعات الفئوية بالولايات ثم المركز، جاؤوا مصعدين بالانتخاب المتكرر لينوبون عن الذين فوضوهم في كل المستويات الدنيا، فأدلى هؤلاء الناخبون الذين هم أعضاء المؤتمر العام بأصواتهم استفتاءً على القبول بمرشح الشورى من عدمه.
حاشية :
فاز البشير في الاستفتاء بنسبة ساحقة، لكن الأبلغ في العلمية هو وجود فرصة للقلة التي لا ترى ما رآه مجلس الشورى أن تقول لا لإستمرار رئيس هو رئيس دولة وخلال فترة حكمه دون أن يضايقها أحد أوي راها أحد أو يسأل عنها في إقتراع سري، شكراً لرئيس لم يتجبر أو يتكبر على حزبه ووضع نفسه في هذا المحك من أجل أن يقدم تجربة ترسخ للأجيال وشكراً لحزب استفتى على رئيسه البشير الذي استفتى عليه الشعب من قبل في وقت لم تستفتى الأحزاب على رئاستها أحداً ولم تسمع لها رفداً. وشكراً للكبار الذين اثبتوا أنهم كبار جداً بترجلهم ثم مساندتهم للرئيس الذي وقع قرار ترجلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق