الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

القائد الزاكي طمل والشيخ موسى هلال

أرى تحت الرماد وميض نارٍ … وأخشى أن يكون لها ضرامُ فإنّ النار بالعودين تذكى … وإن الحربَ أوَّلها كلامُ في سياق مماثل ممَّا يكاد يجري الآن، وفي الصراع السّياسيّ الداخلي السوداني من قبل، قُتِل زعيم الكبابيش التوم فضل الله سالم وشقيقه الزعيم صالح فضل الله سالم، و قُتِل زعيم قبائل رفاعة المرضي أب روف «أسمى عليه حي أب روف بأم درمان»،وأعدِم زعيم الرزيقات «مادبو» وأعدِم زعيم الجعليين عبدالله ود سعد الذي شارك في معارك حصار الخرطوم وتحرير الخرطوم من غردون.
الأمير عبدالله ود سعد شقيق الأمير علي ود سعد قائد معركة أبو طليح التي هزمت حملة الإنقاذ بقيادة اللورد «ولزلي» والجنرال «ستيوارت» قائد كلية «ساند هيرست» العسكرية. إنتصار أبو طليح فتح الطريق لتحرير الخرطوم. في سياقٍ مماثل لِما يكاد يجري الآن، عادت القبائل في دارفور، من قبل ، إلى طبيعة التمرد مرَّة أخرى ضد حكم المركز «الخرطوم». بالرغم من أن رئيس السودان حينئذٍ كان من دارفور ، كما كان عمود الحكم الفقري في السودان واحدة من أكبر قبائل دارفور. عادت قبائل دارفور إلى التمرد فثار الهبانية وبنو هلبة وسقطت دولة «المهدية» نهائياً عندما استولى «أبو كودة» على حامية الفاشر الصغيرة . وبذلك انفصلت دارفور نهائياً.وحارب الرزيقات الفور، فعجَّلوا بسقوط «السَّلطنة» وهي تحارب الإنجليز المحتلين. في ذلك السِّياق في كردفان كان الكبابيش يتصلون بوضوح مع العدو . وبدأ «الحَمَر» في «النهود» في الإغارة على الأهالي وتحدِّي السلطة. أيضاً في ذلك السياق الدامي كان إعدام القائد الزاكي طمل.
في سياق اليوم تجد الشيخ موسى هلال قائد «حرس الحدود»، تجد القائد «المرابط على الثغور» لحماية السودان والأرض والعرض.الشيخ موسى هلال فارس من فرسان السودان . وقائد مغوار. و رصيد وطني كبير. تجارب السودان الزاخرة تثبت أنّ لكلّ نزاع سياسي ألف حلّ سياسيّ. جمع السلاح من حركات التمرد ومن القبائل متزامناً، ضرورة وطنية كبرى. ويجب أن يكون تنفيذه بحنكةٍ وجدولٍ زمني. ليس من مصلحة السودان اليوم أو أمس أو غداً الصدام الدَّامي. ليس من مصلحة السودان إعادة إنتاج تجربة «نزيف القيادات» ليس من مصلحة السودان أن يتقاتل السودانيون تجري من تحتهم أنهار الدماء.من مصلحة السودان أن يتكامل دور الجيش والقبائل. وليس العكس.أيضاً الحقيقة السياسية العميقة، المستخلصة من تكوين السودان، أن دارفور وكردفان توأم. وإذا حدث «انفصال دارفور» سيتبعه تلقائياً «انفصال كردفان». سياسة «القول الليِّن» المتبادل والإعتذار الشفيف المتبادل والإحترام المتبادل و الكلام الحَسَن المتبادل، هي النهج الحكيم لطيّ الخلاف بين الشيخ موسى هلال وحكومة السودان. أيُّ صدام عسكري سيخسر به السّودان خسارة لا مثيل لها .ذاك صدامٌ المنتصر فيه خاسر.السودان ليس بحاجة إلى حقبة جديدة من الحرب الأهلية. ولا إلى طبعة جديدة منها. ليس من مصلحة السودان «نزيف القيادات» . قال القائد البطل الزاكي طمل وقد قبضوا عليه بسبب الوشايات السياسية بعد انتصاراته الظافرة ، وهو سجين جائع عطشان محروم من الطعام والماء في حفرة في عراء سجن «السَّاير» بأم درمان تلهب رأسه شمس الظهيرة الحارقة ، قال القائد المنتصر الزاكي طمل الذي مات جوعاً وعطشاً في لحظاته الأخيرة قولته المأثورة الخالدة … قول ليعقوب …«سيأتي اليوم الذي تحتاجون فيه لأمثالي من الرجال … ولن تجدوهم».السودان اليوم وأمس وغداً في حاجة إلى أمثال الشيخ موسى هلال من الرجال. «سيأتي اليوم الذي تحتاجون فيه لأمثالي من الرجال… ولن تجدوهم»، السودان لايريد اليوم أن يسمع مرة أخرى مثل هذا القول الأليم سواءً من القائد «مرابط الثغور» الشيخ موسى هلال، لا سمح الله ،أو من غيره من القادة الميامين.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق