الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

الفضيحة!

وهل يُعقل أن أسكت عن تناول ذلك الحدث الضخم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، وقد كتب حوله المئات، وهل يجوز لي أن أسكت عن فضيحة الشيوعيين حول تشييع المرحومة بإذن الله فاطمة أحمد إبراهيم ؟!
أقول أولاً: جزى الله صلاح البندر خير الجزاء ذلك أن الرجل ، رغم خلافي الفكري معه، يتمتع بشفافية عالية جعلته يجهر، من حين لآخر، بكشف فضائح الشيوعيين، رفاقه القدامى الذين ظلوا يملؤون الدنيا ضجيجاً وزعيقاً بأنهم الأحرص على المصالح الوطنية العليا رغم أنهم رسل الشيطان لتخريب كل شيء جميل في حياتنا.
أكتب هذا بين يدي تلك الفضيحة المدوية التي أحدثوها خلال تشييع السيدة فاطمة، وما أكثر فضائح الشيوعيين وما أبشعها منذ أن أطلوا على المشهد السياسي السوداني ليملؤوه قيحاً ودمامل عطلت مسيرة البلاد وأدخلتها في حروب لم ينطفئ أوارها سيما وأنهم انتشروا، من خلال كوادرهم، في الأحزاب والحركات المتمردة التي أرهقت كاهل البلاد والعباد ولا تزال تمسك بخناقها وتؤزها أزاً وهل من دليل أكبر من أن معظم لوردات الحرب خرجوا من رحم ذلك الحزب الشيطاني الذي عافته كل الدنيا ولفظته لفظ النواة إلا في بلادنا المأزومة؟! بالطبع أعني بلوردات الحرب الذين تخرجوا في مدرسة الحزب الشيوعي كلا من عرمان والحلو وعقار وعبد الواحد محمد نور والجنوبي باقان أموم، وما هي صدفة والله العظيم أن يتخرج كل أولئك من مدرسة ذلك الحزب الذي يربي تابعيه على معارضة ورفض كل شيء وعلى الصراع الذي يعتبر أهم آليات التغيير في تلك النظرية الشيطانية البغيضة.
أرجع للفضيحة التي كشفها البندر فبدلاً من أن ينزوي الشيوعيون خجلاً جراء تجاهلهم لفاطمة منذ سنوات وهي تعاني من الوحشة والهجران حتى رحيلها المفجع في الغرفة رقم (5) ببيت العجزة بلندن أصروا على إحداث تلك الجلبة وذلك الضجيج بعد أن اختطفوا جثمانها ليتاجروا به وينفثوا حقدهم (الطبقي) داخل المقابر هتافاً وهرجاً ومرجاً بدلاً من أن يصطفوا ليصلوا على جثمانها المسجى أمامهم مما كشف حقيقتهم الغريبة على قيم وأخلاق وتقاليد أهل السودان والتي تذكّر بقصة الملك العريان التي تدارسناها في طفولتنا الباكرة !
أنقل لكم بعض ما قاله البندر مرفقاً معه الصور الدامغة من أمام غرفة فاطمة: ( كنت أتألم أن هذا الرمز يقابل بكل هذا الإجحاف ونكران الجميل.. كتبت لقيادة الحزب الشيوعي وناشدت العشرات وكتبت في الانترنت أناشد إنقاذ فاطمة من وحشة بيت العجزة في لندن ولم يرد علي شخص واحد)! وأرسل البندر صورتها داخل بيت العجزة حيث عاشت سنواتها الأخيرة تشكو الوحدة والوحشة والعزلة وهي التي كانت ملء الأسماع والأبصار أيام صولاتها وجولاتها في خدمة الحزب الشيوعي الناكر للجميل والمتجرّد من كل خلق كريم.
العجب العجاب أنهم رغم عقوقهم لها وصدودهم عنها حتى بعدم زيارتها ناهيك عن تركها وحيدة في بيت العجزة عجلوا باستئجار قاعة فخيمة في أحد فنادق لندن المترفة لكي يؤبنوها ويتاجروا باسمها ويمارسوا الزعيق والضجيج الذي شبوا عليه وشابوا.
بالله عليكم تمعنوا في سلوك الرفاق من خلال كلمات عميد أسرة فاطمة اللواء الفاتح محمد عبد العال فقد أصدر بياناً استنكر فيه ما اقترفوه خلال تشييع الفقيدة، وقال ما نصه في ثنايا بيانه الباكي ما يلي: (ولكن كانت المفاجأة الفاجعة بعد الاصطفاف للصلاة أن قامت مجموعة ليست بالقليلة من منسوبي الحزب الشيوعي وبدلاً من الاصطفاف للصلاة على الفقيدة قاموا بمنع الأخ بكري حسن صالح والأخ عبد الرحيم محمد حسين من الصلاة ووجهوا الهتافات التي لا تليق بالفقيدة فاطمة وبالعادات والتقاليد السودانية السمحة التي ارتبطت بخلق الشيخ أحمد إبراهيم (والد فاطمة)، ثم أدان عميد أسرة فاطمة ما أحدثه الرفاق من هرج ومرج، وقال إن الأسرة (تعتبره وصمة عار في جبين الأسرة ونقطة سوداء في سيرة فقيدة الوطن التي أضاءت سيرتها سماء السودان والحزب الشيوعي السوداني)، وقدم الرجل النبيل اعتذاره للمعزين الذين أساء إليهم أولئك الشيوعيون!
أود أن أسأل كما تساءل الكاتب الصحافي مصطفى البطل: أليس جثمان المتوفى من حق أسرته، هم المخولون بالتعامل معه بعد الوفاة؟ ما الذي يجعل الرفاق يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم ويجردون الأسرة من حقها في تنظيم مراسم العزاء بحيث يخطفون الجثمان وينقلوه إلى دار الحزب الشيوعي سيما وأنهم هم الذين تنكروا للفقيدة وتركوها تعاني الوحدة والوحشة في سنواتها وأيامها الأخيرة في بيت العجزة في غربة مؤلمة عن أهلها ووطنها وشعبها، ثم بعد ذلك يحيلون المقابر إلى منتدى سياسي يرفعون أصواتهم بالهتافات السياسية الصاخبة بين جثامين الموتى بدون مراعاة لخصوصية المكان ولحرمة الموت الذي ينتظرهم في يوم يرونه بعيدًا ونراه قريباً!
أرسل لي الأخ الصديق الودود والمذيع اللامع دكتور عمر الجزلي الفيديو الذي عانقت فيه الأستاذة فاطمة الرئيس عمر البشير بكلتا يديها (وقالدته) بحميمية وحرارة في مدينة القطينة وعندما سألها الجزلي عن ذلك المشهد المثير من برنامجه الشهير (أسماء في حياتنا) أجابت في حبور بدون أن يطرف لها جفن أو تتردد أنها كانت سعيدة بذلك العناق!
بالله عليكم ألا يخجل الرفاق من تلك المسرحية الهزلية التي حدثت في المقابر ضد بكري حسن صالح نائب الرئيس البشير وكأن البشير هو الذي قتل فاطمة وليس هو ذلك الذي (قالدته) وسعدت بلقائه ذات المرأة التي احتشدوا يلطمون الخدود ويشقون الجيوب ويدعون بدعوى الجاهلية بدموع التماسيح التي حاولوا أن يوهموا بها الناس أن الفقيدة ظُلمت أو تلقت معاملة قاسية من نظام الإنقاذ؟! تلبيس وتدليس يشبه أخلاق الرفاق الذين يجيدون دور من يقتل القتيل ويمشي في جنازته فقد قتلوها بالإهمال والنكران وها هم يمثلون دور المفجوع بوفاتها، ثم أهم من ذلك يسخرون ذلك لتصفية حساباتهم السياسية ضد خصومهم وللدعاية لحزبهم التعيس بدلاً من الانزواء خجلاً مما يفعلون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق