الأربعاء، 30 أغسطس 2017

مظاهر الفوضى: أين مجلس الأحزاب؟

ليس هناك قيمة حضارية في تعامل المجتمعات ارفع من التراضي القانوني والاحتكام للقضاء واول سمات الرقي والمدنية هو الالتزام بالقانون والقضاء ، لان خلاف ذلك سيادة الفوضى وقانون الغاب ، والالتزام بالقانون والمبادىء القانونية هو عنوان الدولة المدنية والجماعات المنظمة ، و القانون هو مجموعة القواعد العامة الملزمة والمجردة التي تنظم السلوك البشري الاجتماعي ، ويتبعها جزاء إما على شكل مكافأة وإما عقوبة لمن ينفذها أو يخالفها، ويتم ذلك من قِبل السلطة العامة في الدولة ، والقضاء هو الفيصل في التقاضي والاحتكام اليه والالتزام بقراراته امر لازم وضروري ، اما محاولة استغلال الوقائع القضائية في صراعات وخلق مواقف سياسية فإنه يعتبر ظاهرة خطيرة ، ليس في تجاوزها لواحدة من اهم معايير الدولة المدنية والنشاط الانساني فحسب ، وانما لكونها دعوة لخيار اخر هو الفوضى بعينها ، بل انفراط عقد الرابط الاجتماعي والقيم الانسانية ومبادىء العدالة.
ان الفصل في القضايا – حتما – يقضي لطرف على اخر ، وحتى لو أن احدهما اقوى حجة او ابلغ في التعبير عن الرأي وسرد الوقائع ، فإن التسلسل ودرجات التقاضي والاستئناف كفيلة بأن ترجح خيار الحقيقة وتمحص الادلة .
لقد شهدنا خلال السنوات الماضية ظواهر تستحق النظر والقراءة الفاحصة والمراجعة ، لانها تمس صميم الحياة العامة وتهدر قيما ومعاني كبيرة ، واول ذلك ، هو التحشيد والتعبئة السياسية ضد قرارات قضائية صرفة ، وتناد حزبي داخلي وخارجي في مظهر مثير للشفقة ، و اغلب الاحزاب التي تدعو للتمرد والتظاهر ضد الاحكام القضائية نالت اسباب وجودها من خلال القانون ، وهذا امر غاية في الغرابة . ان قرارات القضاء تقابل في سوح المحاكم بالادلة والبراهين وبالاستئناف في محكمة عليا حسب مقتضيات القانون ، وليس في الطرقات بالهتاف في الشوارع او اثارة الفوضى والضوضاء ، وظاهرة ثانية تتمثل في الاحتكام للخارج من خلال اللجوء الى مجموعات ورأي عام وهذا نوع من التمرد على قانون الدولة وسيادة المبادىء وهو جانب اخر يشير الى ان هذه القوى الحزبية والسياسية تفتقر الى الروح والاجندة الوطنية ، ونقطة ثالثة ذات بعد يستوعب الفحص ، من خلال اسناد مظنة مخالفة القانون بالصبغة السياسية والتوظيف السياسي. لقد استغلت مجموعات كثيرة في سنوات سابقة مقتل سيدة بإطلاق نار وتم اتهام شرطي وتم التزام كل اجراءات التقاضي ، وخلاف ذلك كثير ، فما هي المشكلة في خضوع طالب او ناشط لاحكام القضاء واجراءات التقاضي؟ .
ان اكبر قيمة تقدمها القوى السياسية للمجتمع هو التزام القانون والقضاء ، وليس الدعوة الى الفوضى وممارسة الاعيب سياسية في قضايا ذات طابع قضائي وقانوني ، بل ان المطلوب من هذه القوى دعوة الحكومة وممارسة الضغط عليها للاحتكام للقضاء والقانون وليس العكس ، ولذلك قد يبدو مستغربا ان تتظاهر قوى سياسية ضد احكام القضاء بدلا عن الاحتفاء بها . ان الاحتكام للقضاء مظهر حضاري ومثالي ، وخاصة إن اجهزة شرطية لجأت للقضاء ولم تأخذ سلطة القانون بيدها .
إن ما نراه الآن من تداع سياسي من قوى سياسية داخلية وتدعمها حركات مسلحة بالخارج ، اكبر من وضعه في خانة البحث عن عدالة ، وانما جزء من حملة تستهدف الصورة العامة للوطن ، ومحاولة لاستدعاء مواقف سياسية دولية وإقليمية معادية للسودان واهله ، وينبغي التصدى له ومحاسبة هذه الاحزاب على هذه الافعال التي تدعو للفوضى ، واظن ان مجلس الاحزاب مطلوب منه موقف واضح تجاه هذا الاخلال بالادوار والمهام والوظائف والتشكيك في القضاء وقراراته والدعوة الى الفوضى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق