الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

الوجه السياسي لإفريقيا

> لا تبدو ملامح وجوه قادة وممثلي الأحزاب السياسية الإفريقية في ختام اجتماعات الجمعية العمومية لمجلسهم التي انفض سامرها أمس بالخرطوم بعد جولة انعقاد يومي (19/20/ أغسطس 2017م)، لا تبدو أقل سعادةً من السيدة (رحماتو تيجاني) التي انتخبت رئيساً للمجلس وهي من دولة نيجيريا، وقد رنت ببصرها الى البعيد ... البعيد، وعيناها مركزتان مغروستان في المدى الإفريقي الشاحب ونفسها مملوءة بالأمل، وأمامها قادة الأحزاب الإفريقية المشاركون في الاجتماعات وهم يحسون إحساساً يتعمق يوماً بعد يوم، بأن إفريقيا الجديدة بدأت طريقها الطويل نحو الترقي السياسي والنهضة الاقتصادية مع تزايد وعي الشعوب بقضاياها وهمومها ومستقبلها.
> وأفلحت الأمانة العامة لمجلس الأحزاب السياسية الإفريقية بقيادة الدكتور نافع علي نافع، من خلال هذا المؤتمر، في حشد إرادة سياسية إفريقية حقيقية وفاعلة تسعى إلى بعث القارة من جديد ووضع أولويات الإصلاح السياسي والنمو الاقتصادي والديمقراطية والحكم الرشيد ومحاربة الفساد ووقف الحروب والنزاعات في مقدمة أولويات الأحزاب الحاكمة في القارة وبقية الأحزاب المعارضة التي تشارك في البرلمانات، وتعلم كل هذه الأحزاب سواء كانت الحاكمة أو المعارضة التي ارتضت العملية السياسية التي تقوم على الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، أن هناك تحديات كبيرة وصعوبات جمة في الوصول إلى غايات وأهداف وتطلعات الشعوب الإفريقية، ولا بد من نسج ثوب سياسي يقي القارة من عواصف وأنواء وأعاصير المؤامرات التي تُحاك من خارجها، وتريد من خلالها القوى الاستعمارية القديمة الولوج مرة أخرى عبر النافذة بعد أن طردت من القارة عبر الأبواب.
> وتعاني إفريقيا اليوم من جراحات الماضي لكنها تمضي في طريقها، فهناك صحوة عارمة في القارة من أجل البناء والازدهار السياسي والاقتصادي وتحقيق معدلات كبيرة في التنمية الاجتماعية واستفادة القارة وأقطارها من الفرص المتاحة في تسخير الموارد وتوجيهها نحو الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة، وستلعب القارة في غضون الفترة المقبلة أدواراً مهمة على مستوى العالم، فقد فرضت نفسها ووجودها في المشهد الدولي، وتجرى المشاورات داخل الأمم المتحدة لإجازة المقترح بمنح إفريقيا مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي، وسيفتح المجال في كل المؤسسات والمنظمات الدولية للقارة السمراء لتعبر عن نفسها وتقدم مساهماتها من أجل إنقاذ العالم من التسلط والقهر والظلم والفقر ونقص الموارد وتوفير الغذاء، فإفريقيا مؤهلة بإنسانها المزود بتجاربه وقيمه الحضارية، ومؤهلة كذلك بثرواتها وأراضيها البكر وإمكاناتها المادية والبشرية، لأن تقدم للعالم طوق نجاة مما يعانيه، بعد أن فشل النظام العالمي الحالي في توفير الأمن والسلم الدوليين وإخراج شعوب العالم من دوامة الحروب وثالوث الفقر والجهل والمرض.
> وتستطيع قارتنا بهذه الإرادة السياسية القوية والفاعلة النهوض والتقدم إذا صوبت الأحزاب السياسية الإفريقية رميها نحو المستقبل والبناء، من خلال هياكل المجلس والآليات والأذرع التي تم الإعلان عنها وعن برامجها وأنشطتها في مجالات الاقتصاد والمرأة والشباب والإعلام، وتم وضع برامج متكاملة وخطط عمل وخرائط طرق عملية تمكن القوى الإفريقية الحية المتمثلة في الأحزاب والكيانات الشبابية والنسوية والإعلام من ابتدار المبادرات وجعل الهم الإفريقي هو أوكسجين الحياة العامة في القارة الواثبة نحو غدها المشرق.
> ومن الملاحظ أن بيان الجمعية العمومية لمجلس الأحزاب السياسية الإفريقية، حوى وعبر عن آمال عراض لم تفارق المشهد الإفريقي قط، ونادى بالوقوف مع القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه وبلاده، وهذا الموقف الإفريقي الموحد لم تشذ منه القارة منذ عقود، وهو موقف تاريخي للبلدان الإفريقية منذ النضال وأيام حركات التحرر التي أزاحت المستعمر الأوروبي، رغم وجود علاقات دبلوماسية بين بعض بلدان القارة مع دولة الكيان الصهيوني، لكن إفريقيا التي عانت من الاحتلال والظلم والقهر ومص الدماء وسلب الثروات والعبودية والعنصرية لا يمكنها أن تؤيد الكيان الصهيوني الغاصب في جرائمه النكراء ضد شعبنا الفلسطيني العملاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق