الأربعاء، 30 أغسطس 2017

التوقيت والدلالات

عدد من المؤشرات تحملها زيارة وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف إلى القاهرة، فتوقيت الزيارة الزماني يحمل بين طياته كثيرا من الدلائل خاصة وأن وزير الدفاع مضى إلى القاهرة حاملاً بين يديه عدداً من الملفات لوضعها على طاولة نظيره المصري مجملة في المواقف المشتركة من المتغيرات الدولية والإقليمة ومواقف كل من السودان ومصر من تلك المتغيرات خاصة العسكرية منها.
ثمة رابط من حيث التوقيت الزماني بين زيارة وزير الدفاع السوداني إلى القاهرة وتكثيف الحملات العدائية التي يقوم بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر تجاه السودان، لجهة أن الزيارة التي اتسمت بالمباحثات المشتركة بين الجانبين أتت في وقت يبسط فيه الإعلام المصري يديه إلى حفتر ليكيل الاتهامات إلى السودان ويقوم بسرعة بثها على أوسع نطاق، ولم تكن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها للعقيد المسماري الناطق باسم قوات حفتر وبثتها وسائل الإعلام المصرية بكثافة ببعيدة عن الأذهان.
تستقبل القاهرة وزير الدفاع السوداني ولم يصدر عنها أي تبرير أو تفسير لوجود المدرعات والمركبات المصرية التي ضبطتها السلطات بعد أن استخدمتها حركات دارفور المتمردة التي هاجمت شمال وشرق دارفور الأمر الذي اعتبره السودان “مؤامرة ضخمة”، حيث دخلت القوات المتمردة بمحورين لزعزعة الأمن والاستقرار في السودان.
التزم السودان بمبدأ المصالح الاستراتيجية في علاقاته الخارجية وفقاً للمصالح المشتركة مع التأكيد على عدم الإضرار بأي من الدول وفق ما يقتضية القانون الدولي بعدم التأثير على الأمن القومي للدول الأمر الذي لم تلتزم به القاهرة مؤخراً، فالعلاقات الوثيقة بينها وحفتر وبالمقابل عداء الأخير تجاه السودان أفرزت عددا من التداعيات الأمنية التي أضحت مهدداً للأمن القومي السوداني.
ظلت العلاقات بين السودان ومصر رغم أزليتها وتاريخيتها متابينة بتباين أنظمة الحكم في الدولتين، كما أن ظهور بعض القضايا الخلافية بين الخرطوم والقاهرة من حين إلى آخر يلقي بظلاله على شكل العلاقات التي أضحت تتسم بالتدحرج، ورغم التحركات المصرية المضادة يظل السودان مرتقياً في العلاقات مع مصر.
ويوضح الباحث في العلاقات الدولية د. ياسر محمد خير، أن زيارة وزير الدفاع إلى القاهرة في هذا التوقت تحمل عددا من المعطيات وفي مقدمتها الموقف المصري من دعم جنوب السودان، إذ إن أي دعم تقدمه القاهرة إلى جوبا يؤثر بطبيعة الحال على السودان خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار المشاكل والقضايا العالقة بيننا وجنوب السودان في ما يختص بقضايا الحدود وأبيي ووجود الحركات المسلحة في الجنوب قائلاً: إن مصر يجب أن تعي أن أي دعم تقدمه لجنوب السودان يمثل خطراً على السودان ويؤثر على الأمن القومي للبلاد.
وأشار محمد خير إلى أن المشكلة حالياً القاهرة أصبحت تحارب السودان إعلامياً وترسل اتهامات مبطنة وتمارس تلفيقا إعلاميا ممنهجا لتشويه سمعة السودان كدولة وكنظام حكم، مشيراً إلى أن دعم النظام المصري لجنوب السودان وعلاقته مع اللواء حفتر لابد أن ينظر إليهما بعين الريبة وليست عين البراءة، لأننا نتعامل مع النظام المصري الذي يحاول خلق نوع من البلبلة على المستوى الشعبي والرسمي بسبب موقف السودان من سد النهضة.
تسعى القاهرة لاستعادة مكانتها الإقليمبة والدولية وإبعاد السودان عن لعب أي دور إيجابي في الإقليم، خاصة بعد الإشادات التي جاءت تترى خلال الفترة الأخيرة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية بمساهمة السودان في حل القضايا الإقليمية والدولية التي تؤرق العالم، الأمر الذي أثار غيرة القاهرة التي أصبحت بصريح العبارة تتآمر ضد السودان بجانب ما تقوم به في مثلث حلايب من تصعيد غير مسبوق وتحريضها بعدم رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ودعمها لمتمردي دارفور وهذه جميعها أسباب تشير إلى أن السودان قد نفد صبره تجاه ممارساتها السالبة، ولم يكن الطلب الذي قدمه وزير الخارجية إبراهيم غندور لنظيره المصري خلال زيارته الأخيرة إلى الخرطوم ببعيد عن الأذهان، إذ طالبت الخرطوم القاهرة بضرورة التنسيق لمنع أي دعم يقدم للحركات المتمردة في ليبيا وضرورة إحلال الأمن والاستقرار في الإقليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق