الثلاثاء، 7 يونيو 2016

اللحاق بقطار الدوحة.. السهل الممتنع!

بالطبع ما كان معروفاً على وجه التحديد ما كان يراهن عليه مناوي وجبريل ابراهيم وهما يجريان محادثات بالعاصمة القطرية الدوحة تتعلق بإمكانية إحلال السلام الشامل في إقليم دارفور، فقد كان أمراً ايجابياً على أية حال أن يفكر قادة هذه الحركات
الدارفورية في اللحاق بقطار سلام تجاوز عشرات المحطات وقضى وقتاً غير قليل وهو يسير على القضبان.
وكان أمراً ايجابياً أيضاً أن يعود هؤلاء القادة إلى جادة الصواب ويدركوا أن الطريق الوحيد إلى المحطة النهائية في الأزمة كلها إنما يمر بالعملية السلمية واتفاقية الدوحة. غير أن الأمر المدهش أن (مناوي) سرعان ما خرج من اللقاء ليعلن لأجهزة الإعلام أن المحادثات بينهم وبين الحكومة السودانية والوساطة القطرية قد انهارت! وبحسب ما نقل راديو "تمازج" فإن مناوي ارجع انهيار المحادثات إلى إصرار الحكومة والوساطة القطرية بإبقاء وثيقة الدوحة وثيقة مرجعية للعملية السلمية في دارفور. مناوي أبدى أسفه لما أسماه نظرة الحكومة السودانية والوساطة للوثيقة وبأها (مصحف لا يجب تعديله)! ولا شك أن مناوي وهو يعلن انهيار المحادثات كشف من حيث لا يدري عن عمق أزمة الحركات الثلاث، حركة جبريل وحركة عبد الواحد حركته. فهو وفى إيجاز شديد وغير مخل لخص أزمتهم ظناً منه أن انهيار المحادثات ربما يدفع المجتمع الدولي للتدخل وفرض الحل، ولكن الرجل في ذات الوقت كما قلنا أعطى انطباعاً سالباً عن مجمل موقفهم كحركات لم تلتحق بعد بالعملية السلمية و ليس أمامها من خيار آخر.
أولاً، لم يقل مناوي وان الحكومة السودانية وحدها هي التى أصرت على أن تظل وثيقة الدوحة مرجعيته وإنما أبان الوساطة القطرية هي إلى الأخرى وقفت نفس الموقف. وهذا بدوره يعني أن الوثيقة هي بالفعل وثيقة مرعي خاطبت صميم ألازمة وعناصرها ووضعتها في خطوط عريضة و من ثم فهي بالفعل مرجعية غير قابلة للتعديل طالما أنها خاطبت صميم عناصر الأزمة ولو لم يكن الآمر كذلك لكان موقف الوساطة مختلفاً، لأن من الطبيعي أن أي وساطة تأمل أن تسب قبول أي طرق بأي أطروحة لإنجاح الوساطة و طالما أن الوساطة نفسها أصرت على مرجعته الوثيقة -وهي تأمل في قبول هذه الحرات بها- فإن هذا يعني أن الوثيقة بالفعل وثيقة إستراتيجية و شديدة الأهمية وما من سبيل لتعديلها.
ثانياً، مناوي ورفاقه صنعوا أنفسهم في كفة، و أولئك الين سبقوهم بالتوقيع على الوثيقة في كفة، وهو أمر بعض النظر عن محتوى وثيقة الدوحة غير عادل إذا لا يمكنك أن تمنح نفسك وزناً سياسياً وعسكرياً أكبر من حركات أخرى تفاوضت منذ البداية على الوثيقة، و حركات أخرى انضمت لاحقاً للوثيقة خاصة إذا وضعها في الاعتبار أن الحركات الثلاث (مناوي وجبريل وعبد الواحد) هي في الوقت الحاضر حركات مهزومة عسكرياً هزيمة مريرة وماحقة أفقدتها تماماً أي مقدر من الوزن السياسي والعسكري.
ثالثاً، في السابق وحين كان يجري التفاوض في الدوحة بشأن وثيقة الدوحة لم يكن هناك من مانع يمنع هؤلاء القادة من الحضور و التفاوض، ولكنهم أضاعوا هذه الفرصة على أنفسهم تحت غطاء تقديرات سياسية وعسكرية ثبت أنها لم تمت للواقع بصلة ومن الطبيعي أن من يضيع الفرصة في ظروف مواتية أن يقبل بما يتاح له في ظروف أخرى، لان من الممكن أن ترفض هذه الحركات وثيقة الدوحة للمرة الثانية في هذه المرحلة ثم تأتي مرحلة ثالثة تكون فيها قدرتها على مجرد قبولها للانضمام إلى الوثيقة غير متاحة! وعلى كل فإن مسلك الحركات الدارفورية التى أشتهرت برفضها غير المبرر التفاوض على أمل أن توصلها فوهات البنادق إلى أهدافها النهائية ما يزال يعيد هذه الحركات في كل يوم إلى الوراء ويجرها جراً لتصبح أثراً من الماضي، وقططاً تحت الموائد تنتظر الفتات !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق