الثلاثاء، 14 يونيو 2016

بيان الترويكا الأخير جزء من الحل أم تعميق للأزمة

رداً على البيان الذي كانت قد أصدرته مجموعة دول الترويكا (بريطانيا، النرويج، الولايات المتحدة) بتاريخ 27/5/2016، قالت السفارة السودانية في واشنطن في بيان أصدرته في اليوم التالي مباشرة أي بتاريخ 28/5/2016 إن بيان الترويكا جاء منحازاً
وغير متوازن وعمل على إجترار مواقف قديمة لا تساعد على تحقيق السلام لمواطني المنطقتين.
 وقال بيان السفارة السودانية، أن بيان الترويكا بخصوص المنطقتين يرسل إشارات سالبة لحملة السلاح لكي يستمروا في أنشطتهم الهمجية بمهاجمة المدنيين الأبرياء دون أن يخضعوا لأي مسائلة!
والواقع أن العنصر المؤثر في مجمل الأزمة السودانية إنما يتركز بالفعل في الأمر الجوهري الشديد الغرابة الذي ظل ملازماً لهذه الأزمة وهو أن المجموعة التي تدّعي أنها مسهّلة أو فلنقل متعاونة ووسيطة لتحقيق السلام، هي نفسها (جزء من الأزمة وليست بالحال جزء من الحل)! وكثيرة للغاية المواقف التي درجت هذه المجموعة إلي اتخاذها لإظهار الحكومة السودانية طرفاً شريراً شيطانياً، وحملة السلاح ملائكة وحملان وديعة!
 اختلال هذه المعادلة منذ بداية الأزمة هو الذي ظل يزيد من تعقيداتها. فالقوى الدولية هذه تريد أن يكون حملة السلاح -سواء في دارفور أو المنطقتين- في وضع عسكري أفضل، ولذا تقدم لهم الدعم الصريح المباشر، مخازن للأسلحة الثقيلة والخفيفة المتطورة كما رأينا في منطقة (هيبان) بجنوب كردفان. طائرات تحمل مؤن وذخائر وأطعمة، أقمار صناعية تساعد حملة السلاح على معرفة تحركات الجيش الحكومي، وكلنا نعرف الخدمات التي ظل يقدمها الممثل الأمريكي المعروف (جورج كلوني) الذي أنشأ قمراً صناعياً (خاصاً) لهذا الغرض، ثم تريد هذه القوى أيضاً وبذات القدر أن يكون الموقف التفاوضي -على طاولت المفاوضات- لحملة السلاح أفضل أيضاً! بمعنى أدق فأن كل هدف الترويكا المعلن والمستتر هو أن تكون كفة حملة السلاح دائماً راجحة!
 الغريب في هذا الصدد أن هذه المعادلة استحال تحقيقها ويستحيل عملاً تحقيقها فهي من قبيل (أكل الكيكة والاحتفاظ بها في ذات الوقت)! ومع أن اختلال الموازين الدولية، وشيوع ما بات يعرف بالمكاييل المزدوجة   (Double Stander ( أصبح من الأمور المتعارف عليها على النطاق الدولي وظلت تزيد من تعقيدات النزاعات إلّا أن من الصعب للغاية استيعاب ما تفعله هذه القوى الدولية بشأن النزاعات الجارية في السودان، فلو أخذت بمعيار ما تفعله دول الترويكا فهل من المعقول مثلاً أن تقبل دولة مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو النرويج بأن تقوم دولاً إسلامية أو عادية بمعاونة أقليات داخل هذه الدول بمزاعم إنسانية وحقوقية؟
 وإذا تجاوزنا هذا التساؤل ونظرنا في اتجاه آخر قريب من هذا فإن تساؤلاً مشروعاً آخر سرعان ما ينهض بهذا الصدد وهو، ما الذي كسبته ذات هذه الدولة بشأن فصل جنوب السودان؟ ماذا كانت النتيجة حينما اندلع النزاع بيت ذات الفرقاء الجنوبيين الذين كانوا بالأمس القريب يضمّهم وعاء سياسي وعسكري واحد وقاتلوا الحكومة المركزية بدعم من هذه المجموعة الدولية؟ كيف هو وضع دولة جنوب السودان الآن؟ وما هي رؤية دول الترويكا إزاءه؟
 أليست هي التي تتحسّر الآن وتحاول عبثاً إعادة الأمور إلي نصابها وفرض عقوبات على الفرقاء الجنوبيين؟ إن من الغريب حقاً أن دولاً تدّعي أنها دولاً متقدمة وتصنف نفسها في مقدمة ما يسمّى بدول العالم الأول تعمل على تأكيد مقولة عالم الرياضيات الألماني الأصل الأمريكي الجنسية (إلبرت إنيشتاين) التي مؤداها، فعل ذات الشيء، وبذات الطريقة السابقة ثم انتظار نتيجة مختلفة!  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق