الأحد، 26 يونيو 2016

خارطة الطريق ومواقف المعارضة السودانية، أين تكمن أسرار اللعبة؟

يخطئ المجتمع الدولي إذا كان يعتقد أن قوى (نداء السودان) أو الحركة الشعبية قطاع الشمال أو الحركات الدارفورية المسلحة جادة ى خوض مفاوضات حقيقية بهدف تسوية النزاع في السودان! الأدلة على ذلك لا تقع على حصر ويعلم بها المجتمع
الدولي ولكن أقلها أن هذه القوى التى رفضت دون أية مبررات مشروع الحوار الوطني مع كونه (سانحة تاريخية) غير مسبوقة قط في التاريخ الحديث للسودان، تحاول الآن التلاعب بما بات يعرف بخارطة الطريق.
ومع أن خارطة الطريق -ودون الخوض في تفاصيلها- هي في خاتمة المطاف مجرد ورقة إطارية للتأسيس لتفاوض لحل الأزمة. المؤسف في الأمر في هذه النقطة بالذات إن خارطة الطريق نفسها التى ترفضها هذه القوى، وبعضها يطالب بتعديلها، بدت لهم وكأن الخارطة -في حد ذاتها- هي الاتفاقية! بمعنى أدق فإن القوى الرافضة للحوار جعلت من الخارطة هي نفسها الحل النهائي!
وعلى هذا فإن الأزمة الماثلة الآن ليست في تعديل خارطة الطريق أو استمرارها، الأزمة في أن القوى السودانية المعارضة بموقفها الحالي تود تحقيق أهداف هي في واقع الأمر غير مشروعة، فهي من جانب أول تريد إحراج الوسيط الإفريقي نفسه بإجباره على تعديل خارطة الطريق بعد أن قبلت الحكومة السودانية بالخارطة ووقعت عليها.
 الوسيط الإفريقي سوف يجد نفسه في مأزق محاولة إقناع الحكومة السودانية -من جديد- بالتعديلات التى تم إجراؤها على الخارطة وفي نهاية الأمر سوف يصبح الأمر مسلسلاً مطولاً من الرفض والقبول حتى يتدخل المجتمع الدولي –في لحظة ما– لصالح هذه القوى المعارضة. إذ من المعروف أن إستراتيجية وتكتيك القوى المعارضة قائمة أساساً على حل مفروض فرضاً من مجلس الأمن و ذلك لأسباب معروفة للغاية، لأن هذه القوى المعارضة تدرك مدى ضعفها وهشاشة عظامها السياسية واستحالة قدرتها على منازلة الحكومة السودانية سياسياً في المسرح السياسي السوداني العريض.
 وهي من جانب ثاني تريد أن يتطاول أمد النزاع وأن يحقق لها ذلك معجزة سياسية تكفيها عناء التفاوض و تتيح لها الحصول على ما تريده بلا مشقة. وهذا الأمر واضح في مرارة الهزائم التى تلقتها ألسنة هذه القوى على جبهات القتال. هزائم سلبتها وزنها العسكري تماماً وجعلها مجموعة قطاع الطرق ومرتزقة يقاولون دول الجوار في حروبهم الداخلية من أجل مواصلة العيش والحياة!
وهي من جانب ثالث، وهذه نقطة مركزية جوهرية لا تقل أهمية عن النقاط السابقة تريد القضاء على مخرجات الحوار الوطني لأن كثير من هذه المخرجات تسبب حرجاً سياسياً لهذه القوى باعتبارها أمور أساسية إستراتيجية تتصل بوحدة البلاد، وقوانينها، و كيفية إدارتها، وأوزان القوى المختلفة. مخرجات الحور الوطني مع أنها لم تعلن بعد رسمياً إلا أنها ومن خلال النقاش الذي جرى لن توافق هوى العديد من هذه القوى الطامحة إلى الوصول إلى مقاعد السلطة و إعادة هيكلة الجهاز الإداري و المساس بالجيش الوطني و فتح الباب أمام أطروحات أبعد ما تكون عن الواقع.
ولهذا فإن إعلان مخرجات الحوار الوطني في تقديرنا بات أمراً مهماً للغاية لأنه يقطع الطريق على هذه القوى ويجبرها على احترام رؤى وموافق الذين شاركوا في الحوار. خارطة الطريق في واقع الأمر هي لعبة إنهاء نتائج ومخرجات الحوار الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق