الثلاثاء، 21 يونيو 2016

اللاهثون خلف سراب الخارج!

لن يكون التاريخ السياسي للمعارضة السودانية مشرفاً إذا كانت كل استراتيجيها التى تمارسها الآن وفي وضح النهار هي (تغليب العامل الأجنبي على العامل الوطني) تحت دواعي و مزاعم أنها لا تثق بنظام الحكم القائم.
في كل التاريخ السياسي الأمم والشعوب فإن قوة نظام الحكم -أياً كان الرأي فيه- هو مرآة لقوة الممارسة السياسية وقوة الدولة، إذ طالما أن النظام القائم وطني من شعرة رأسه إلى أخمص قديمه فإن أي مبرر للإستعانة بقوى خارجية من أجل القضاء عليه لا يقرها الضمير الوطني ولا يمكن اعتبارها بطولة من البطولات السياسية.
 الآن كل قوى المعارضة السودانية تلهث وتجري خلف الوسيط الإفريقي (ثامبو أمبيكي)! البعض يلاحقه من عاصمة خارجية إلى أخرى (بحثاً عن حل)! في حين أن الطريق إلى الخرطوم، طريق مستقيم وطريق أقرب! فإذا وجدنا العذر للحركة الشعبية قطاع الشمال المرتبطة علناً بقوة دولية معروفة ومرتبطة (عضوياً) بدولة الجنوب ولديها مشروع معروف و أجندة مفارقة تماماً للأجندة الوطنية المعقولة؛ فما هو يا ترى عذر ما يسمى بقوى المستقبل ونداء باريس والمسميات السياسية هذه التى عجزت عن أن تجيد اللغة السياسية الوطنية رغم بقاءها في الساحة الدراسية السياسية لأكثر من ربع قرن من الزمان؟
 وإذا كانت عشرات القوى السياسية والمسلحة بكل تكويناتها ودعمها الخارجي والدعاية الخارجية التى تصم الآذان عجزت وما تزال عاجزة عن أن تجد لنفسها موضع قدم في الساحة الوطنية الحقيقية بالداخل فما حاجة المواطن السوداني إذن بهذه القوى؟ وما شأن رجل (ثمانيني) مثل السيد الصادق المهدي بات كل همه السياسي الآن أن يجد له مقعداً على طاولة مفاوضات في عاصمة خارجية لاستعادة مجده؟ لا يأنف من مجالسة قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال وهو يدري أنهم يعتبرونه (الثور الأسود) الذي سوف يكون التالي إذا أمكنهم القضاء على الثور الأبيض؟ بل لنتساءل ما هي طبيعة الأزمة في السودان التى تستدعي وجود خارطة طريق وتعديلات على خارطة الطريق، ووسيط وقاعة مفاوضات وترويكا.
وما الذي يبتغيه سياسي يتحري الوطنية والموضوعية أكثر من مواجهة خصومة داخل قاعة الحوار الوطني التى كانت مشرعة للجميع يقارعهم الحجة بالحجة ويؤسس لبناء وطني مخلص إن إصرار الساسة السودانيين في صفوف المعارضة على تدويل الشأن الوطني السوداني، وفتح الباب لأجندات الآخرين هي في واقع الأمر جريمة وطنية لا تدانيها جريمة، مهما تذرع هؤلاء القادة بالأعذار ودواعي عدم الوفاء بالعهود والضمانات.
 لقد استطاع النظام الحالي في السوداني أن يتجاوز أكثر من 20 قرار دولي ظالم بكل المقاييس صدر فقط إرضاءً لمجموعات ضغط، ولوبيات، ولمصالح قوى دولية. و احتمل هذا النظام أيضاً عشرات القرارات الامريكية المحتوية على عقوبات أحادية الجانب كان الظن أنها سوف تقصم ظهر الدولة السودانية وتحيلها لقمة سائغة واحتمل النظام القائم عشرات المؤامرات والحروب على الأطراف وحارب بشرف و جسارة بدعم شعبي واضح مهما قيل عنه فهو دعم شعبي حقيقي من أجل المحافظة عل نواة الدولة السودانية الأصلية.
نظام بهذه القوة أيهما أجدى لمواجهته؛ اللغة الوطنية الموضوعية والاعتراف بحقائق الواقع، أم البحث عن (طرزانات) خارجية والمراهنة على المعجزات والجري وراء السراب تلو السراب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق