الاثنين، 13 يونيو 2016

السودان في قائمة الإرهاب

أبقت السلطات الأميركية على اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفقاً للتقرير الذي درجت وزارة الخارجية الأميركية على إصداره كل عام، والذي احتوى على مغالطات وتناقضات، منها الإقرار بأن الحكومة السودانية تعاونت مع الولايات
المتحدة وعدد من الدول في هذا الخصوص، من خلال عضوية السودان الفاعلة في مجموعة الشراكة لإقليم شرق إفريقيا، وهي تكتل إقليمي تأسس في العام 2009 من أجل مكافحة أنشطة إرهابية عن طريق تأمين الحدود، محاصرة المجموعات الإرهابية الإقليمية، مناهضة ثقافة العنف والأفكار المتطرفة، وغيرها من مجالات التعاون مع عدد من الدول، كان آخرها تسليم السودان إيطاليا، قبل أيام، مواطناً إريترياً، يُدعى ميدهاني ميريد، يشتبه في تورطه ضمن شبكة جريمة منظمة مسؤولة عن تهريب اللاجئين غير الشرعيين إلى أوروبا.
ذلك كله وغيره لم يشفع للحكومة السودانية التي كانت تأمل إزالة الإدارة الأميركية اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي تصدرتها إيران (بحسب التقرير الأميركي)، وضمّت النظام السوري وداعش وكوريا الشمالية، فيما أزالت الولايات المتحدة اسم كوبا من القائمة.
أضافت وزارة الخارجية الأميركية اسم السودان لقائمة الدول الراعية للإرهاب في أغسطس/ آب من العام 1993، في أعقاب محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، وتم توجيه أصابع الاتهام آنذاك للنظام السوداني بالوقوف وراء الجماعات المتورطة في محاولة الاغتيال الفاشلة. بعد ذلك، فرضت الولايات المتحدة عام 1997 عقوبات اقتصادية على السودان، شملت تجميد الأصول الإجمالية للحكومة السودانية.
تنوعت العقوبات الأميركية على السودان، بموجب وضعه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب مرة، وبموجب العقوبات الاقتصادية مرة أخرى، وأخذت العقوبات أشكالاً متعددة، حيث درجت السلطات الأميركية على قطع العلاقات الدبلوماسية كاملة مع النظام السوداني، عندما تصل الخلافات بين الدولتين إلى مدىً بعيد، وعندما تهدأ الأمور السياسية، تعيد الإدارة الأميركية التمثيل الدبلوماسي المنخفض أصلاً إلى قائم بالأعمال. إلا أن العقوبات الاقتصادية كانت، ولا تزال، الأقوى والأكثر تأثيراً، لأنها تمس المواطن السوداني مباشرة، فقد أثرت على البنية التحتية لاقتصاد الدولة، خصوصاً بعد أن اجتمع معها الفساد الضارب في سياسات الحكومة، والذي أدى إلى انتشار معدلات الفقر وتدنى مستوى المعيشة، وضعف الرعاية الصحية، وانتشار الأوبئة والأمراض، وتراجع المستوى التعليمي. ولذلك، فإن لتجديد العقوبات الاقتصادية على السودان آثاراً سالبة في ظل الأوضاع الحالية التي يواجه فيها الاقتصاد السوداني صعوباتٍ جمة، بعد انفصال الجنوب إلى دولة مستقلة، وفقدان عائدات النفط، ما أدى إلى تدهور سعر الصرف إلى معدلات غير مسبوقة.
كما هو متوقع، رفضت الحكومة السودانية القرار الأميركي القاضي بمواصلة وضع اسم السودان ضمن قائمة الإرهاب عاماً آخر، ولفت بيان لوزارة الخارجية إلى الجهود التي بذلها السودان في العمل على تحقيق الاستقرار وبسط الأمن والسلم، وفي دول جواره ومحيطه الإقليمي، من خلال دوره الفاعل في بناء السلام، ومكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، ولم ينسَ البيان الإشارة إلى إيواء السودان أعداداً كبيرة من لاجئي دول الجوار.
تتمثل المشكلة في أن الحكومة السودانية ترفض التصنيف الأميركي للدول التي ترعى الإرهاب، وترفض تجديد العقوبات الاقتصادية الأميركية، وفي الوقت نفسه، تبدو غير مكترثة لتحسين صورتها لدى الرأي العام العالمي، ولا تُولي ذلك الأمر اهتماماً كبيراً، فلا تزال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تراوح مكانها، ولا يوجد سقف زمني محدّد لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، على الرغم من مقاطعة قوى سياسية عديدة الحوار من الأساس.
المطلوب الآن، وضع منظومة حل خارجية تشمل تدعيم الدبلوماسية السودانية، ورفدها بكفاءات تستطيع التأثير في الذهنية الأميركية. وعلى الصعيد الداخلي، لابد من الوصول إلى سلام شامل وعادل في مناطق النزاع، بالإضافة إلى إشاعة الحريات السياسية ومحاربة الفساد المستشري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق