الاثنين، 20 يونيو 2016

الصادق المهدي ومعادلة الحضور والغياب!

سواء عاد كما ظل يؤكد في كل مرة -منذ أكثر من عامين- إلى السودان أم لم يعد فإن السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي على أية حال لم يعد لا في الحاضر ولا في المستقبل أحد القادة السياسيين الذين يمكن أن المراهنة عليهم إذ
أنه وحتى لو استبعدنا عامل السن، باعتبار أن الرجل تخطى عتبة الثمانيات ولم يعد لديه عطاء سياسي حتى في الإطار النظري الذي برع فيه، فإن الرجل من جهة أولى استعصى عليه إدارة حزبه العتيق وبلغ به الفشل في إدارة و تنظيم الحزب أن العديد من القادة التاريخيين ابتعدوا منذ سنوات عن الحزب وكان الأمر المدهش حقاً أن هؤلاء القادة عادوا مؤخراً إلى سوح السياسة حينما تكونت لجنة شعبية لإعادة لم الشمل وإعادة هيكلة الحزب  وتنظيمه.
الابتعاد الأول والعودة اللاحقة، في غياب السيد الصادق المهدي تعني بوضوح إن الرجل عليه مطاعن سياسية وتنظيمية عديدة! ومن جهة ثانية فإن حماس السيد الصادق المهدي لمشروع الحوار الوطني ومشاركته الفاعلة في جمعيته العمومية الأولى (ابريل 2014) ثم خروجه -غير المبرر- من البلاد كلها بدعاوي غير موضوعية واختياره المنفى الخارجي أدهش حتى المقربين منه وأفقده من ثم (مقعده الوطني الأمامي) في الداخل، وهذه في الواقع واحدة  من أكبر أخطاء المهدي التاريخية التى ظل الرجل وباستمرار لا يملك لها تبريراً مقنعاً لأحد.
و من جهة ثانية فإن السيد الصادق -حتى ولو عاد و انخرط في عمل سياسي بالداخل- فقد فاته الكثير ذلك إن العمل السياسي عمل متواصل وفيه مراحل ومغيرات ومن الصعوبة بمكان أن يتمكن المهدي من مواكبة ما فاته من تطورات ومواجهة ما طرأ من متغيرات. 
ومن جهة رابعة فإن المهدي فقد ثقة المواطن السوداني العادي في ممارسته السياسية، إذ لا احد بوسعه أن يتنبأ ما إذا كان المهدي حال عودته قادر على الصبر والمثابرة و البقاء في الداخل لانجاز مشروع وطني! سوف يظل الرجل في ذهنية المواطن السوداني العادي فضلاً عن منسوبي حزبه قائداً سياسياً قابلاً للهرب من الميدان في أية لحظة و بأي حيلة من الحيل.
مجمل القول إن السيد الصادق المهدي أنموذج لعدد وافر من السياسة السودانيين ذوي المنهج التقليدي الذي يساوره الاعتقاد أن الحياة السياسية لا تسير بدونهم! يظل كل شيء إلى حين حضورهم! كما أن الرجل ما يزال يعتقد ان معاقل حزبه القديمة في أصقاع غرب ووسط السودان ما تزال حية نابضة، مع أن الخارطة السياسية للسودان في العقدين الماضيين تغيرت تغيراً لا نظير له استجابة للتطورات الطبيعية التى تجري عادة في تواريخ الأمم والشعوب، وهو ما يجعلنا نؤكد وباستمرار إن من أكبر أزمات السودان السياسية الحاضرة في المشهد السياسي الراهن بقوة، تكلس أوصال القادة السياسيين وتوقف عقولهم و تصوراتهم في ستينات و سبعينات القرن الماضي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق