الأحد، 1 أبريل 2018

مكافحة الفساد.. خطوات عملية وإستراتيجية في السودان!

جاء قرار رئيس القضاء السوداني – البروفسير حيدر احمد دفع الله، والقاضي بتأسيس محاكم جنايات تختص بنظر الدعاوي الجنائية الخاصة بقضايا الفساد واستغلال النفوذ والاعتداء على المال العام أواخر الاسبوع الماضي- الخميس 29/3/2018م؛ جاء
هذا القرار تتويجاً لجهود محسوسة تقودها الدولة السودانية منذ سنوات لمكافحة الفساد المالي والاداري الذي تعاني منه العديد من دول العالم و السودان لم يكن استثناء.
قرار تأسيس هذه المحكمة وفق حيثيات القرار جعل من العاصمة السودانية الخرطوم مقراً رئيساً للمحكمة و منحها حق الانعقاد في المكان الذي تراه في أي منطقة من مناطق السودان بحسب الحاجة والظروف، كما ان القرار منحها حق النظر فى الدعاوي التى تحيلها اليها النيابة العامة المختصة أو رئيس القضاء، كما ان رئيس القضاء سوف ينشئ لاحقاً دوائر استئنافية خاصة للنظر في الاستئنافات والطعون ضد احكام المحكمة.
مجمل هذا التطور ان السودان مضي باتجاه هذا الهدف الاستراتيجي بخطوات موضوعية وثابتة لم تشوبها شوائب العجلة، او الشطط، و ذلك جانب ضروري ولازم لمن لوازم العدالة.
وما من شك ان السودان اتخذ جملة من الخطوات و التدابير الادارية والقانونية قبل ان يصل إلى هذه الخطوة المهمة ، ففي ابريل من العام 2014 ناقش البرلمان السوداني بكامل هيئته عددا من القوانين ذات الصلة مثل قانون المراجع العام باعتباره القانون الذي يضبط المخالفات التى تقع من مؤسسات الدولة فيما يخص المال العام وكذلك القانون الجنائي 1991 الذي يحكم هذه المخالفات الجنائية و قانون الثراء العام و المشبوه الذي يضع حداً للغنى المفاجئ و الحصول على اموال مجهولة المصدر، وقانون غسيل الاموال وفاء لإلتزامات السودان الدولية و المتعلقة بقضايا غسيل الاموال الناجمة عن عمليات الاتجار فى المخدرات او السلاح او تجارة البشر أو اي نشاط غير مشروع، بجانب قوانين الجمارك وقانون الشركات لكونها ذات صلة بالنشاط المالي العام للدولة والافراد على السواء.
البرلمان السوداني ناقش هذه القوانين باستفاضة حتى يتم استكمال النقص في نصوصها وإيجاد معالجة للمستجدات وسد الثغرات، وهي تطورات هامة اتاحت للكافة الالمام بجوانب مخالفات المال العام والفساد و كيفية معالجتها وكيف يستغل البعض هذه النصوص ويتحايلون عليها للافلات من الملاحقات.
ولم يتوقف الامر عند ذلك، فبعد شهرين من النقاش والتداول حول هذه القوانين واجراء تعديلات في بعض نصوص هذه القوانين في يونيو 2014 ناقش البرلمان السوداني الاتفاقية الدولية (اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2012م) وهي اتفاقية اقرتها الامم المتحدة لسد الثغرات امام جرائم الفساد و الاعتداء على المال العام، وقد صادق البرلمان السوداني على الاتفاقية و اجازها لتصبح قانوناً وطنياً ملزماً للدولة السودانية.
ومضت خطوات السودان في اتجاه مكافحة الفساد حيث اصدر الرئيس السوداني في العام 2015 (هيئة الشفافية ومكافحة الفساد) واشار القرار إلى تبعية الهيئة للرئاسة السودانية وتم منحها صلاحيات واسعة و صدر قانون مكافحة الفساد رسمياً و جرت اجازته من قبل البرلمان السوداني واصبح ساري المفعول.
اذن تأسيس محكمة جنايات متفرغة، مقرها العاصمة الخرطوم للنظر في دعاوي الفاسد و استغلال النفوذ والاعتداء على المال العام، هو في الواقع بمثابة تتويج لهذه الجهود و الخطوات الجادة لمكافحة الفساد، اذ المعروف ان السلطة القضائية هي سلطة مستقلة ومعنية بتطبيق القوانين ومعاقبة المفسدين، وهي حين تؤسس جسماً متفرغاً ليقوم بهذه المهمة، فهي بذلك تؤكد توفر الارادة و الرغبة لديها لاداء دورها من جهة، وتود أن يشاهد الكافة عمل وأداء محكمتها المتخصصة هذه وعدد الدعاوي المرفوعة امامها وما فصلت فيه، وهو دون شك تطور إيجابي كبير في السودان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق