الاثنين، 9 أبريل 2018

الخرطوم وواشنطن.. والمرحلة الثانية في الحوار الإستراتيجي!!

شرعت الإدارة الأمريكية والحكومة السودانية في التحضير للمرحلة الثانية للحوار المقرر له أن يفضي إلى رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب والتطبيع بين البلدين.
الأسبوع قبل الماضي أجرى وزير الخارجية الأمريكي بالإنابة (جون سوليفان) مكالمة هاتفية مطولة بنظيره السوداني إبراهيم غندور تناول فيه الوزيران بالنقاش والبحث القضايا الملحة في المنطقة مثل الأوضاع في دولة جنوب السودان ومباحثات سد النهضة، وكيفية التحضير للمرحلة الثانية للحوار بين البلدين. الوزير الأمريكي قال لنظيره السوداني ان إدارته أعدت للمرحلة الثانية وإنها ربما تنطلق في غضون أسابيع قلائل! المحادثات بين الوزيرين جاءت على خلفية فراغ مجموعة عمل السودان بالمجلس الأطلنطي من اعداد التوصيات اللازمة لبدء الحوار. وبحسب متابعات (سودان سفاري) في العاصمة الأمريكية واشنطن فإن جداول عمل غير رسمية ومطلوبات تم الدفع بها إلى الحكومة السودانية بغية الاتفاق حولها استعداداً للمرحلة المقبلة تضمنت مسائلاً ذات أولوية قصوى، واشتراطات تراها واشنطن ضرورية لبدء الحوار. ومع أن فرق العمل اللازمة لإدارة الحوار لم يتم تشكيلها بعد من الجانبين، الا أن البلدين يترقبان في أي لحظة انطلاق تشكيل هذه الفرق وبدء الاجتماعات الثنائية.
وأشارت المتابعات في دوائر صنيع القرار في واشنطن إلى أن جانباً من المطلوبات، وما تراه واشنطن من المسائل ذات الاولوية القصوى إكمال التفاوض في ما يخص المنطقتين والوصول إلى وقف نهائب لإطلاق النار وعودة الاستقرار، وهنالك ايضاً مطلوبات خاصة بملف حقوق الإنسان وضرورة اشراك القوى السودانية المعارضة في اعداد الدستور، واتاحة المزيد من الحريات الدينية وتعديل قانون العمل الطوعي سنـ2006ـة. وفيما يجري التباحث غير الرسمي الآن بين الجانبين بغرض الإستعداد والإعداد لهذه المرحلة، فإن المراقبين في العاصمتين يعتقدون أن المرحلة الثانية المرتقبة لن تكون صعبة باعتبار أن تجربة المحادثات التي أفضت لرفع العقوبات الإقتصادية تشكل أرضية جيدة للطرفين وتجربة سابقة بإمكانها إنجاح التجربة الحالية، إذ أن الخباء في الجانبين تشكلت فيما بينهما – وفق حقائق الواقع – وسيلة تفاهم قائمة على الصراحة والوضوح، خالية من سوء الفهم والتعقيدات السياسية السابقة، ومن جانب ثان فإن واشنطن نفسها أدركت أن السودان بمثل (حالة إستراتيجية) بالنسبة لها في المنطقة يصعب تجاوزها، فهي في حاجة إليه لمحاولة إيجاد أي قدر من الاستقرار وإنهاء الصراع في الدولة الجنوبية الوليدة وهي في حاجة السودان لمكافحة الإرهاب نفسه وقد جربت السودان وخبرت ولمست كل جهوية وأداؤه الجيد في هذا المضمار، وهي أيضاً بحاجة إلى دور للسودان في الملف الشائك (ملف سد النهضة)، والذي من الممكن أن يقود إلى تعقيدات خاصة بين أثيوبيا مصر.
وعلى ذلك فإن إهتمام واشنطن بتطبيع علاقاتها مع السودان هو في واقع الأمر أصبح أمراً ملحاً بالنسبة للدولة العظمى والا ما كان من السهل أن تضع واشنطن خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف. السودان من جانبه ظل ولعقود طويلة يعمل بدافع من استراتيجيته الخاصة على أداء دور إقليمي ودولي يدور في اطار المساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار على كافة الأصعدة، فالسودان هو العضو الفاعل في الاتحاد الافريقي الذي أصبح يتولى حلحلة قضايا المنطقة، وهو عضو فاعل في المنظمة الحكومية الصاعدة (إيقاد) ولها تجربة جديرة بالاحترام في تحقيق إستقرار المنطقة. السودان أسس للمنظمة الأمنية الأفريقية (سيسا) التي تهتم بأمن القارة وقضايا الاتجار بالبشر وغسيل الأموال وغيرها من الجرائم المستحدثة الماسة بالأمن الاقليمي والدولي!
من المؤكد اذن أن واشنطن لديها ما يدفعها لتطبيع علاقاتها مع السودان، والسودان من جانبه يود أن يتحاشى أي تعقيدات أو غموض في علاقته بالدولة العظمى حتى يؤدي دوره الاقليمي والدولي بالطريقة التي تحقق له مصالحه الإستراتيجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق