الاثنين، 9 أبريل 2018

قاعة درس وطنية للحزب الشيوعي السوداني!!

للمرة الثانية يفاجأ الحزب الشيوعي السوداني مفاجأة صاعقة بنقلة شطرنج سياسي بارعة من الجهاز الأمني السوداني! في المرة الأولى وكان ذلك قبل حوالي عقد ونيف من السنوات، فاجأ الجهاز الأمني السوداني سكرتير الحزب الشيوعي السوداني حينها محمد إبراهيم نقد بالوصول إليه في مخبئه تحت الأرض!! المدير الحالي لجهاز السوداني – صلاح قوش – كان يدخل على الراحل نقد في مخبئه الآمن وعلى شفتيه ابتسامة رسمت دهشة تاريخية نادرة على وجه الراحل نقد اهتز لها كل كيانه واترجت لها أفكاره!! لم يكن الراحل نقد ذي الخبرة التنظيمية الطويلة والبراعة في التخفي وانشاء الحصول الآمنة غير القابلة للإختراق، يتوقع على الإطلاق أن ينجح الجهاز الأمني في الوصول إليه في (مخبئه تحت الأرض)!! كان ذلك الموقف المزلزل إيذاناً بتهاوي عرش الحزب وأهالة التراب على قدراته الحركةي ومهاراته الفردية.
أما المرة الثانية – التي نحن بصددها الآن – فهي الأكثر صعقاً، فقد أجرى الجهاز الأمني (لقاء مواجهة) بين قادته وقادة الحزب الشيوعي السوداني، إذ أن الحزب الشيوعي لم يكن يتوقع أن (يلتقي) لقاء نوعياً كهذا بقيادة الجهاز الأمني يناقش فيه طبيعة الممارسة السياسية والقضايا السياسية الراهنة!! لقد انعقدت ألسن قادة الحزب المفوهين جراء المفاجأة لأنهم كانوا يعتقدون أن الجهاز الأمني السوداني هدفه الأول والأخير التضييق عليهم، ومنعهم من التعبير عن أنفسهم، وملاحقتهم للتنكيل بهم، بينما كان النقاش الذي جرى نقاشاً ذي طبيعة وطنية مجردة طرح فيه الجهاز الأمني – بوضوح وموضوعية – ما يشغل باله من هموم وطنية وما ينبغي أن يراعي في الممارسة السياسية وضرورة أن يتحمل الكل – حكومة ومعارضة – مسئولياتهم الوطنية والفارق الجوهري المهول ما بين المعارضة الوطنية للحكومة والمعارضة المدمرة للدولة السودانية! لقد كانت بحق – بحسب ما بدأ وراء سطور بيان الحزب الشيوعي – قاعة درس وطنية لا كبير فيها الا الوطن! ولهذا فإن الذي يطلع على بيان الحزب الشيوعي يمكنه أن يلحظ عدة أمور أولاً : لم يجد الحزب مناصاً من الإقرار بأن السودان بإزاء مرحلة جديدة وأن ما طرحه عليهم مدير الجهاز الأمني السوداني – بإطلاق سراح جميع المعتقلين – هو موقف ثابت.
فالحزب الشيوعي السوداني يقر بمثل هذه الأمور فإن من المؤكد أنه لمس صدقية واضحة، وأنه قوبل بمنطق موضوعي عجز عن مقارعته!
ثانياً : بدأ أيضاً أن الحزب أدرك حجم المخاطر المحدقة بالدولة السودانية، ففي الغالب فإن الحزب الشيوعي السوداني ومع ادراكه العميق لطبيعة الأخطار المحيطة بالدولة السودانية وإدراكه بانعدام قاعدة جماهيرية محترمة له كحزب عريق، الا أنه لا يهتم بأمن واستقرار الدولة ولديه ولع قديم بتهييج الشارع واشاعة الفوضى والتخريب.
سجل الحزب لمن يتابع تاريخه حافل بهذه الممارسة، ولكن الآن ومن خلال سطور البيان، وما وراء السطور من ظلال وثنايا، يبدو أن الحزب (تعلم درساً وطنياً) على أية حال من المنتظر أن يستفيد منه مستقبلاً.
ثالثاً : الحزب الشيوعي أيضاً لم يجد وسيلة لإبداء أي قدر من(البطولة) إزاء اللقاء وما دار فيه وما خرج به وهذا مرده إلى أن الحزب غرق في موضوعية النقاش والمنطق السديد الذي واجهه به قائد الجهاز الأمني السوداني.
أسوأ ما واجهه الحزب الشيوعي السوداني في هذا اللقاء أنه (فقد المنطق السياسي الموضوعي) ولم يستطع أن ينافح عن نفسه، وحوصر بالمسؤولية السياسية الوطنية ولهذا فإن الأزمة الحقيقية التي يواجهها الآن الحزب تكمن على صعيد حلفائه سواء في اليسار العريض أو ما كان يعرف تاريخياً بقوى الإجماع، فقد فشل الحزب الشيوعي في تحقيق (بطولة سياسية) في مواجهة أطروحات موضوعية ألجمت لسانه!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق