الأربعاء، 11 أبريل 2018

قوش والشيوعي.. الجلوس مع صاحب البضاعة (1)

لقاء نادر فعلاً وتأريخي ذلك الذي التأم الأسبوع الماضي بين مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول صلاح قوش وقيادات الحزب الشيوعي على رأسهم سكرتير عام الحزب المهندس الخطيب والقيادي البارز المهندس صديق يوسف والآخرين.
في السابق كانت السلطة حين تريد اختيار مداخل للتفاهم السياسي والتواصل مع القوى السياسية المعارضة تبتدرها بعريشة الإمام الصادق المهدي وليس أي طرف آخر، خاصة قيادات الحزب الشيوعي الذين كانوا في أدبيات التفاهم والتواصل بين السلطة والقوى المعارضة يمثلون العنصر الأبعد، وكان الذي يحدث دائماً بعد هذه اللقاءات أن تفتح المعارضة والأسافير على الصادق نيران النقد والهجوم وتشتعل مواقع التواصل بخطاب شامت في تحالف المعارضة يذكره ويذكر قوى المعارضة بأنها دائماً (تدقس) وتكرر خطأها في كل مرة ولا تتعلم من خيبات ثقتها في الصادق المهدي، لأن الرجل يمكن أن يبيعهم مع أول عرض سياسي يتلقاه من الحكومة.
وكان زعيم حزب الأمة يتعرض لهذه الحملات غض النظر عن نوع اللقاء الذي كان يتم بينه وبين الحكومة وغض النظر عن موقف الصادق المعلن قبل وبعد اللقاء..
لكن هذا لم يحدث حتى الآن للحزب الشيوعي بعد لقاء قياداته المعتقلين وغير المعتقلين بمدير جهاز الأمن صلاح قوش.. لم يخرج من يشكك في أن الشيوعي (نجَّض) صفقة مع الوطني.. لم تتحدث مواقع المعارضة متهمةً الخطيب وصديق يوسف وقيادات الشيوعي ببيع القضية كما كان يحدث للصادق.. لم يتهموهم بالخيانة، وهذا ليس دليلاً على أن قيادات الحزب الشيوعي بالنسبة لقوى المعارضة الأخرى (فوق الشبهات)، فالسياسة لا تعرف مثل هذه العبارات، والشيوعي الآن مختلف مع قوى نداء السودان ومن الممكن أن يتواجه بمثل ما كان يواجه به الآخرين، لكن الواقع أن عدم تعرضه للنقد والتشكيك شاهد يؤكد ما هو مؤكد أصلاً بالنسبة لي، بأن كوادر الحزب الشيوعي هي التي كانت تتولى وتقود هذه الحملات الإسفيرية.. وهي التي تقف دائماً وراء جميع عمليات التشكيك في مواقف الآخرين ومواقف أي حزب أو كيان أو ناشط سياسي غير منتم أو غير قريب من الحزب الشيوعي.

هي التي تقف خلف عملية التصنيف السياسي الحادة في الساحة السياسية والاشبتاه والتشكيك في مواقف الجميع.
لو جلس أي معارض حليف أو غير حليف للشيوعيين مع الفريق أول صلاح قوش كما فعل الخطيب وصديق يوسف لصب عليه إعلام المعارضة الإسفيري ما يكفي من الوقود لحرقه معنوياً.
لذلك كانت هذه الخطوة من جانب جهاز الأمن ذكية جداً بكونها استهدفت الحزب الذي مهما تحدث الناس عن ضعف جماهيريته وحجمه لكنه هو بالفعل الكيان الذي يمتلك وبخبرة تراكمية كبيرة قدرة على التأثير في توجهات الشارع السياسي المعارض.. وقدرة على التشويش السياسي كأداة من أدوات الحرب الإعلامية والسياسية، بل حتى على مستوى أدبيات الخطاب العام للمعارضة تجد جميع الأدبيات التي ترددها قوى المعارضة من أقصاها إلى أقصاها هي أدبيات مستعارة من مكتبة الشيوعيين، لذلك فإن جلسة قوش المباشرة مع قيادات الشيوعي في إطار ابتدار خطوط جديدة للتعاطي مع قوى المعارضة الداخلية هي بمثابة خطوة أكثر عملية وأقل كلفة بالجلوس مباشرة والتفاهم مباشرة مع أصحاب البضاعة وليس مع الوكلاء الفرعيين..!.. نواصل..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق