الأربعاء، 11 أبريل 2018

الأثر السياسي الباقي من لقاء الأمن السوداني بقادة الشيوعي !!

المبادرة النوعية التي أبتدرها جهاز الأمن السوداني بدعوة قادة الحزب الشيوعي  السوداني للتفاكر والنقاش  حول الممارسة السياسية والقضايا الوطنية، ومجمل الأوضاع علي كافة الأصعدة في السودان لا يمكن النظر إليها وحصرها فقط  في سباق المواجهة المستمرة بين الطرفين وبالضرورة لا يمكن قراءتها في إطار (نضال الحزب) ومعاركة السياسية ! فالكل الآن في السودان يعرف ويحفظ عن زهر قلب التاريخ السياسي المتناقض والمضطرب للحزب  الشيوعي السوداني والمصير المضجع الذي آل إليه حالياً.
السلطة الحاكمة من واقع خبرتها الطويلة في الحكم لكل هذه السنوات لا يمثل لها الحزب الشيوعي السوداني بحالته الراهنة المعروفة صداعاً أو هاجساً، فالذي يعرف الحكومة السودانية التي واجهت حروباً شرسة  علي الأطراف لعقود من السنوات ونجحت في نهاية الأمر في إخمادها، يعرف أن حزباً بالكاد لا تتجاوز عضويته بضع مئات ويعاني خلافات حادة داخل كابينة قيادته وخبا بريق أيدولوجيته، من المستحيل أني صبح هاجساً وشغلاً شاغلاً لها.
المبادرة إذن كانت أبعد وأعمق من مجرد تهدئه للعب، أو تليين للمواقف فالذي يقترب من مضارب خيام القوي السياسية السودانية ولأحزاب التي ما فتئت تتصدر المشهد يلاحظ عدة مثالب بنيوية ، أغلب الظن أن الجهاز الأمني في السودان أتيح له الوقوف عليها وسبر غورها – بحكم احتكاكه المتواتر مع هذه القوي والأحزاب – ولهذا أراد أن يسهم في تقويم اعوجاجها فمن جهة أولي: الأحزاب السياسية السودانية أسيرة لذهنية غابرة، ذهنية الستينات والسبعينات وثمانينات القرن وإحراق إطارات السيارات، والصمود لساعات حتي تنضج العملية وتسقط السلطة.
هذه المظاهر السياسية انقرضت ولم يعد لها وجود في الواقع السياسي السوداني حيث لم تعد الشوارع تحتمل أي تحرك أو مواجهة سواء لحساسية المنشآت الخاصة بالدولة، أو لحساسية المواجهة نفسها والخسائر البشرية والمادية غير المحتملة وفوق كل ذلك فإن أكثر من جيلين أو ثلاثة من الأجيال الحديثة الآن في السودان وفي ظل التطور التقني المهول في مجال الاتصالات والتواصل تجاوزت هذا النمط البالي، وتعرف تكلفة مثل هذا الحراك الضار بموارد الدولة التي هي في خاتمة المطاف موارد الشعب. والحزب الشيوعي السوداني نفسه جرب أكثر من مرة، محاولة تحريك الشارع واستغلال الأزمات وفشل والكل يعرف قصة (حضرنا ولم نجدكم) الشهيرة التي أوجزها السكرتير الراحل للحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد وأصبحت مضرباً للمثل السياسي! ومن جهة ثانية فإن أحداً لم يعد يحتمل اللعبة المزدوجة لبعض القوى السياسية التي تتظاهر بممارسة العمل السياسي السلمي – علناً – ولكها تمارس تحالفاً خفياً مع حركات مسلحة، تتآمر معها، وتمدها بالمعلومات، وتسهل لها المهمة سراً! هذا الوضع وفضلاً عن كونه يناقض مقتضى المسمى السياسي والقانوني لأي حزب، فهو ينخر في عظام الدولة ويضربها في عمق استقرارها بغير رحمة.
ومن جهة ثالثة فإن النشاط السياسي في مجمله (فن الممكن) وهناك آليات للوصول إلى السلطة ممثلة في الانتخابات العامة ولهذا فإن ما يبذله أي حزب (لاسقاط) النظام القائم من الخير أن يوظفه بذكاء في منافسة السلطة ومقارعتها سلمياً عبر آلية الانتخابات العامة مهما قيل من ممارسات فاسدة، فالذكي من يتغلب على هذه الممارسات بأساليب وطرق سياسية سلمية.
اذن مبادرة الجهاز الأمني السوداني، مبادرة وطنية بامتياز، فالتحديات التي يواجهها الجسم المنوط به حماية الأمن القومي للبلاد أكبر من أن يهدرها في ملاحقة القوى السياسية، هناك تحديات اقليمية ودولية أولى بالمراعاة والتركيز وإن لم تعي القوى السياسية هذه الحقائق، فإن عليها السلام!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق