الأربعاء، 11 أبريل 2018

قوش والشيوعي.. الجلوس مع صاحب البضاعة (2)

من زوايا كثيرة يمكن النظر إلى اللقاء الذي عقده رئيس جهاز الأمن مع قيادات الحزب الشيوعي من الذين هم داخل أو خارج المعتقل..
لكن كل هذه الزوايا المختلفة تجدها تقود الى نتيجة أساسية مشتركة هي وجود توجه وخط مختلف في تعاطي جهاز الأمن في العهد الثاني للفريق أول صلاح قوش مع المعارضة السياسية.. بل نرجوه أن يكون توجها لتعاطي السلطة بشكل عام مع القوى السياسية المعارضة السلمية في أقصى يسارها.
فبرغم أن اللقاء مع هؤلاء تم في ظروف استثنائية تماماً، وبدعوة من رئيس الجهاز إلا أن أهم رسالة في هذا الحدث هي تزامنه مع قيام جهاز الأمن نفسه بفتح بلاغ ضد زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وذلك على خلفية اختياره رئيساً لتحالف قوى نداء السودان، المكون من تشكيلات سياسية وعسكرية الشيء الذي اعتبره الجهاز تنسيقاً مع حركات مسلحة لإسقاط النظام بقوة السلاح.
الرسالة كانت واضحة المحتوى وهي أهمية التمييز بين العمل السياسي السلمي المعارض المحترم مهما علا سقفه لدرجة سقف إسقاط النظام مثلاً كموقف معروف ومعلن للحزب الشيوعي وبين التنسيق مع حاملي السلاح كما فعل الصادق المهدي وقوى نداء السودان المتحالفة مع حاملي السلاح.

فبهذا المعيار وحده يمكن أن يكون موقف الشيوعي وقياداته باعتمادهم للعمل السلمي بنظر السلطة وبنظر الشارع السياسي نفسه هو موقف أقوى وأصح وأكثر قدرة على إقناع الشارع المعارض من موقف الصادق المهدي الذي خلط حابل السياسة بنابل البندقية..!
الحكومة كانت في الماضي تعتقد بأن التفاوض مع حاملي السلاح هو الطريق الأقصر والأقرب لتحقيق الاتفاق وكانت تهمل التواصل والتفاهم مع القوى السياسية المعارضة باعتبار أنها قوى ضعيفة لا تمتلك قدرة على تشكيل ضغط جماهيري أو سياسي أو أمني وبالتالي لم تكن تهتم بأمرهم كثيراً، وربما هذا كان هو أحد الأسباب التي جعلت أحزابا كبيرة وعريقة وذات وزن مثل حزب الأمة تفكر في أن تمتطي بندقية جهوية وعنصرية مثل بندقية مناوي أو جبريل وتحمِّل في صندوق عربتها بضاعتها السياسية..!

لو أرادت السلطة أن تصحح ذلك المسار القديم فعليها أن تعكس تلك الصورة تماماً بأن تجعل التقدير الأكبر والإقرار العملي منها بقوة موقف الأحزاب المعارضة يرتبط بابتعاد تلك الأحزاب عن حاملي السلاح، فكلما كان الحزب المعارض بعيداً عن البندقية قريباً من السلمية كان أقوى وأقرب للحوار والتفاوض السياسي معه وتقديم تنازلات أكبر من تلك التي ظلت الحكومة تقدمها لحاملي السلاح بلا جدوى.
القوى السياسية السلمية المعارضة غير المرتبطة بالتمرد العسكري يجب أن تكون هي الرقم الأول في قائمة القوى المستهدفة بالحوار وهي الأحق بأن تستمع الحكومة إليها من أي فصيل أو حركة من الحركات الحاملة للسلاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق