الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

انتخابات رئاسية مبكرة في السودان!!

والسودان علي بعد عامين من موعد الاستحقاق الانتخابي المقرر قيامه في 2020 تتصاعد فيه الآن بوتيرة واضحة رغبات شعبية تنادي بإعادة ترشيح الرئيس البشير لدوره انتخابية جديدة.
الرغبات الشعبية التي رصدها العديد من المراقبين والمحللين السياسيين، خرجت من ولايات عديدة فاقت حتي الآن العشرة ولايات من جملة (16) ولاية هي مجمل ولايات السودان.
كما تلاحظ أيضاً أن هذه الرغبات الشعبية في مجملها لم تخرج من عباءة حزب المؤتمر الوطني الذي ينتمي إليه ويقوده الرئيس البشير، بل أن أحزاباً سياسية معروفة من بينها الحزب الاتحادي المسجل جاهرت صراحة برغبتها في إعادة ترشيح البشير.
وفي واقع الأمر فإن هذه الرغبات والدعوات التي اتخذت منحاً جدياً واضحاً وضعت الحزب الوطني في موضع صعب، فهي رغبات لا يمكن التقليل منها أو الاستهانة بها بحال من الأحوال، إذ أن الذي يعرف خبايا النفسية السياسية السودانية لن يجد صعوبة في أدراك أن السودانيين يتمتعون بحاسة سياسية مرهفة وذكاء سياسي لماح ولهذا لم يبدو هذه الرغبة من فراغ إذ أن صفوف القادة السياسيين في بلد كالسودان يعج بالأحزاب والقادة التاريخيين صفوف متراصة طويلة، ولكن الرغبة الشعبية العامة تراهن فقط علي الرئيس البشير، وحتي لا نغالي في هذه النقطة ونبدو كمن نبالغ فإن القوي السياسية السودانية المعارضة حينما كانت تبدي رغبتها في الحوار والتفاوض كانت تمنح الرئيس البشير خصوصية خاصة، وقد تجلي هذا الأمر بوضوح حينما بدأت وقائع مؤتمر الحوار الوطني العام 2014 إذ لم يبدو أحد من الذين ارتضوا الحوار اعتراضاً علي ترؤس البشير للمائدة المستديرة!!
 العشرات من القادة السودانيين المعارضين كانوا وباستمرار حينما يقدمون مقترح  الحكومة الانتقالية أو الحكومة القومية سرعات ما يعهرون برئاستها إلي الرئيس البشير، رغم إدراكهم أن الرجل ينتمي لحزب ويجلس علي كرسي قيادته!!
الرئيس البشير إذن يتمتع بقبول شعبي واسع النطاق في السودان ليس من السهل تجاهله ولهذا فإن حزب المؤتمر الوطني الذي لم يجلس بعد ليقرر في من سيرشحه للدورة الرئاسية المقبلة العام 2010 بالتأكيد ليس بوسعه أن يسقط هذه الرغبة الشعبية علي الرغم من العقبات الدستورية المعروفة والتي ربما تتطلب إجراء تعديل دستوري يفتح الطريق للرئيس البشير لينال دورة إضافية.
ومن جانب آخر فإن من المفروغ منه أن الديمقراطية في خاتمة المطاف لا تعدو كونها ممارسة أفراد الشعب لحقهم في اختيار من يمثلهم والإرادة الشعبية- أياً كانت منطلقاتها- جديرة بالاحترام خاصة إذا استصحبنا الظروف الصعبة البالغة القسوة التي قاد فيها الرئيس البشير لما يقارب الثلاثين عاماً سفينة السودان وسط أمواج هادرة وأنواء وأعاصير قل أن يصمد فيها بلد، أو يحتملها قائد.
والأهم من كل ذلك وحتي نكون موضوعيين وأمناء مع أنفسنا فإن الذين جاهروا بهذه الرغبة وكونوا رأياً قاطعاً لم يمارس عليهم أحد ضغطاً من أي نوع وليست لهم مصالح وأمامهم خيارات أخري في الصف السياسي العريض ولكنهم أثروا هذا الرجل، واختيارهم في هذه الحالة يحتم قراءة أمنية وصادقة تتجاوز الاعتبارات الدستورية والتقديرات الخاصة بالحزب !
ففي السودان علي وجه الخصوص فإن حاسة الشم السياسية لأفراد الشعب ربما تسبق كثيراً نظيرتها لدي الأجهزة الحزبية ومراكز القيادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق