الأحد، 24 ديسمبر 2017

موازنة العـ2018ـام في السودان.. إمكانات وتحديات!!

تدور هذه الأيام في قبة البرلمان عجلة الميزان الاقتصادي للسودان ونعني بها الموازنة العامة للدولة للعـ2018ـا وقبل الخوض في السمات العامة والملامح الأساسية للموازنة فإن من المهم أن نستعرض الأهمية القصوى التي تميزت بها هذه الموازنة على وجه الخصوص دون سواها. أولاً : هي أول موازنة لحكومة الوفاق الوطني التي أفرزها مشروع الحوار الوطني، وهي بهذه الصفة مسنودة برؤى ومخرجات الحوار الوطني في الجانب الاقتصادي ومن ثم فهي موازنة على الأقل نابعة من نقاش مسبق مستفيض من قبل مكونات سياسية عديدة في السودان.
ثانياً : وهي موازنة العام – قبل الأخير – للبرنامج الخماسي المعروف الذي امتد من العـ2015ـام وينظر أن ينتهي في العـ2019ـام، ومن المعروف أن البرنامج الخماسي برنامج قائم على برنامج اصلاح الدولة، أحد أهم برامج الدولة السودانية الهادفة للنهوض بكافة القطاعات وتطويرها.
ثالثاً : هي أول موازنة تعقب قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان في أكتوبر الماضي ومن ثم فإن الأهمية التي تكتسبها هنا كونها تظهر التدابير التي من شأنها جعل السودان يستفيد من مزايا رفع العقوبات وتعطي ملمحاً عاماً لكيفية التعامل مع مرحلة ما بعد العقوبات. أما اذا أمعنا النظر في الموازنة نفسها فإن المبلغ الإجمالي للموازنة العامة (173,1 مليار) وهو بلا شك - بحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين -  مبلغ كبير للغاية، ولكن ذات الخبراء يشيرون إلى أن ضخامة المبلغ لها مبرراتها، كونها موازنة في ظل حكومة وفاق وطني وعمليات سلام واستتباب أمن الأمر الذي يتطلب معه وجود أموال لتغطية بنود الصرف، ولكن لعل أبرز ما في هذه الموازنة من النواحي الاقتصادية المهمة – ذات الطابع الاستراتيجي – أنها 1/شددت على ضبط عقود الشراء والتعاقد والصرف، وهذه النقطة مهمة لأن خفض الإنفاق العام والعمل على التقليل من المصروفات الحكومية العامة، أمر إستراتيجي وحيوي لكبح جماح التضخم وتحقيق معدل نمو معقول.
2/ قررت العمل على خفض التضخم وتقليل حجم الكتلة النقدية والاستدانة من النظام المصرفي، باعتبار أن هذه العلل ظلت وعلى مدى سنوات تعيق نهضة الاقتصاد السوداني.
3/ العمل على تشجيع الصادر، باعتباره واحداً من أهم وأبرز ما يجلب العمل الصعبة للبلاد، ولعل سعي الحكومة لرفع نسبة حصيلة الصادر الهدف منها توفير النقد الأجنبي في خزانة البنك المركزي، بما يفي بمتطلبات محاربة عمليات المضاربة في الدولارمقابل الجنيه السوداني وتدهور سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار.
4/ تحقيق معدل نمو معقول وهو أمر ليس بصعب خاصة إذا علمنا أن المشروعات التنموية في السنوات الأخيرة وانجذاب الاستثمار نظراً لموارد السودان الضخمة أمر من شأنه أن يسهم في تحقيق معدل النمور.
تلك هي – باختصار غير مخل – أبرز المؤشرات العامة والتحديات التي تجابه هذه الموازنة العامة، ومع وجود توقعات جيدة بامكانية تحقيق سلام دائم في السودان وتوقف العمليات العسكرية في مناطق النزاع على الاطراف، فإن فرص نجاح التدابير التي تستهدفها الموازنة تبدو متصاعدة، صحيح أن غلاء الأسعار في بلد كالسودان – زاخر بالموارد – وصحيح ان عملية كبح جماح التضخم ومحاربة الحضارية في العملات الأجنبية ما تزال تمثل تحدياً ولكن المهم أن الموازنة العامة والقوانين المصاحبة لها، على أية حال وضعت أساساً لإنطلاق النهضة الاقتصادية المرتجاه في السودان في حدود ما هو متاح من إمكانات وموارد حالت ظروف معروفة دون الاستفادة منها الاستفادة المطلوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق