الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

منطق التفاوض حول المنطقتين!!

ربما لم يتقرر بعد مصير المنطقتين، ولكن من المؤكد أن مصير الحركة الشعبية قطاع الشمال قد تقرر وانتهى!!، فف خلال العامين المنصرمين طالت متغيرات بنيوية مهولة كامل الروح والجسد للحركة الشعبية قطاع الشمال بحيث لن يغالي مغالي اذا قال أن الحركة الشعبية قطاع الشمال اليوم ليست هي على الاطلاق الحركة الشعبية الأمس. 
المتغيرات التي طالت الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت متوقعة تماماً سواءً بالنظر الى ذات الداء الذي تفشى في الحركة الأم الحاكمة في دولة جنوب السودان، والتي أعطت مثالاً مؤسفاً بكل المقاييس لحالة الثوار حين يواجهون مسؤولية الحكم والبناء وحين يتصارعون على السلطة والثروة وفق منطق قبلي وإثني شديد الضحالة، أو حتى بالنظر إلى أن طبيعة تركيبة الحركة بكاملها – شمالاً وجنوباً – منذ نشأتها حملت تناقضات ووساوس مؤجلة وهواجس وظنون بينية لا يمكن أن تنظفئ جذوتها! يكفي فقط أن نشير هناك إلى حالة العداء الشديد الذي يغلي بين الفرقاء الجنوبيين، الكل يتربص بالآخر للقتلة وويفتك به!! الكل يعقتد أن الآخر خائن وأدنى درجة منه هو وهكذا، هذه في واقع الأمر طبيعة تركيبة الحركة لأنها قامت على منطق السلاح وقتل الآخر للظفر بالسلطة والثروة! ويخطئ خطأً ممعناً في السطحية والضحالة من يعتقد أن الحركة الشعبية المنشأة في العـ1983ـام – رسمياً – قامت على أسس سياسية وفكرية يؤبه لها. 
صحيح أن الدكتور قرنق تشدق بأفكار ماركسية ونقلت عنه أحاديث ذات طابع أيدلوجي، ولكن كل تلك الرؤى والأفكار كانت فقط للأضواء والإعلام وذيوع الصيت للفت أنظار الداعمين والممولين! وأسطع دليل على عدم احتكام الحركة لمراجعية فكرية أو بناء سياسي جاد، إنتقالها السهل وببهلوانية واضحة من خانة المعسكر الاشتراكي الى المعسكر الرأسمالي!! قادة أمثال أموم وعرمان والحلو كانوا يؤمنون بالماركسية وبعضهم نشأ عليها تغيروا في لحظات وارتموا في الحضن الأمريكي بيسر وسهولة!!
ما نفستو الحركة الأول، تلاشى ولم يتم العثور عليه في وثائق الحركة وفي أضابير خزانة قرنق! الأمر اذن ومنذ البداية كان مجرد هوى جامح وطيش سياسي تدفعه الرغبات الشخصية في سياق تناقضات قبلية واثنية شديدة الحدة.
ولهذا حين نقول ان مصير الحركة الشعبية قطاع الشمال قد تقرر، فذلك ببساطة لأن احداً لن يتيح لها – بعد ما رأى الجميع ما فعلته الحركة الأم – مجالاً لكي تقرر مصير منطقة من المناطق ولو في حجم حي شعبي!! لقد دفعت الحركة قطاع الشمال ثمن جرائم ولا مبالاة الحركة الأم وعدم مسؤوليتها وعدم أحقيتها في تولي شأن عام ولهذا وحتى حين قررت الدفع بمطلب تقرير المصير بعد أن تولى قيادتها عبد العزيز لحلو، فعلت ذلك بمنطق يائس، وفي ظل شعور عارم بالضياع تماماً مثل الذي يطلق طلقة وهو غارق في دمائه ويحتضر وسط جراحه الخطرة!!
 انقسام الحركة والخلافات التي ضربتها كانت مجرد عرض للمرض الحقيقي!! كما أن اتخاذها قرار وقف اطلاق النار، لم يزدر عن كونه تمديد لحالتها الراهنة التي لا تحتمل خوض الحروب والتعرض لعوامل الفناء التي لا تبقى ولا تذر.
أما تقرير مصير المنطقتين، فهو واضح فعلاوة على مخرجات الحوار الوطني التي أودت أطروحات تنموية شديدة الأهمية، فإن أصحاب المصلحة الحقيقيين في المنطقتين بامكانهم أن يوجدوا معالجات مستدامة لطبيعة مشاكل المنطقتين! مجمل الأمر أن التفاوض المقبل حول المنطقتين سيكون سلساً وسهلاً وستكشف الأيام القليلة القادمة ما يعضد هذه الفرضية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق