الثلاثاء، 24 يناير 2017

لن يسقطوا مخرجات الحوار ولو اجتمعوا لها!

لم تستطع قوى المعارضة السودانية طوال أكثر من 27 عاماً ان تحقق أدنى اختراق في جدار الحكومة السودانية لكي تنفذ منه إلى هدفها المستحيل بإسقاطها و إزالتها من السلطة. واحد من اكبر و ابرز اسباب هذا الاخفاق ان قوى المعارضة السودانية لا تمتلك حتى الحد الادنى الذي يؤهلها لكي تصبح بديلاً موضوعياً للحكومة.
قوى المعارضة إما احزاب ذات طبيعة عشائرية طائفية تنتمي الى بيوتات وزعامات دينية؛ وهذه فعلت بها المتغيرات الحديثة ما فعلت كما أخفقت لثلاثة دورات اخفاقات مزرية في الحكم في 3 تعدديات سابقة ؛ وإما قوى سياسية تطرح أطروحات تتناقض جذرياً مع طبيعة ثقافة عامة السودانيين وتصادم صميم معتقداتهم مثل الشيوعي والبعث والناصري؛ وإما قوى مسلحة ذات نزعة قبلية عنصرية مقتية يكرهها السودانيين بفطرتهم ولا تتماشى مع المناخ العام في العالم حالياً حيث تقوم الدول عادة على بمبدأ المواطنة لا العامل العنصري المقيت.
هذه القوى بأنواعها و تصنيفاتها هذه استعصى عليها تماماً تحريض شعب السودان طول هذه المدة الطويلة لإسقاط الحكومة و الإتيان بها كبديل فوضوي. والمؤسف هنا حقاً انه وبدلاً من أن تعتقد هذه القوى ورشاً ومؤتمرات لكي تتدارس أوضعاها و تجيب على أسئلتها المحورية حول إخفاقاتها في التحالف مع شعب السودان وكسبه الى جانبها، تعقد اجتماعات في أديس وتارة في اسمرا و تارة في القاهرة و أخيراً في باريس!
اجتماعات تنعقد لاسقاط النظام. ولكن كيف؟ لا أحد منهم يعلم. المهم اسقاط النظام و يتفذلك البعض –مع حملة السلاح –ويقول لك (اسقاط النظام عبر انتفاضة شعبية)! قادة حركات مسلحة أيديهم ملوثة ومتعفنة بدم أهلهم وجيوبهم ممتلئة بأموال البسطاء، وحساباتهم المصرفية السرية في سويسرا و باريس تعج بالدولارات ويقون لك (نريد انتفاضة شعبية سلمية )! لاسقاط النظام.
تسألهم عن برامجهم السياسية لا يملكون إجابة. تسألهم عن (قواعدهم وجماهيرهم) لا يملكون اجابة سألهم عن كيفية تعاملهم –مستقبلاً – مع الذين قاموا بتمويلهم ومنحوهم السلاح والذخائر و العتاد وتقنية الاقمار الصناعية لا يملكون اجابة . تسألهم عن سر تحاشيهم التحاور مع الحكومة و بغضهم الشديد للانتخابات العامة حيث الأوزان الحقيقية، فيقولون ان الحكومة تزور الانتخابات!
واقع الامر ان الأزمة السودانية الراهنة هي أزمة قوى سياسية معارضة سياسية و مسلحة لا تملك (الحد الادنى من القواعد) المؤهلة للعمل السياسي . إن أكثر من 50% من السودانيين ليسوا حزبيين وما إلتفافهم حول الحكومة الحالي إلا تعبيراً عن شهورهم بأنها الأقرب لوجدانهم رغم ضيق العيش والمسغبة و لكنهم يتمتعون بالأمن و يعرفون قادتها ويدركون ان هؤلاء القادة لم يرتبطوا بالخارج و لم يأخذوا مالاً من تل أبيب أو واشنطن أو باريس. ليسوا مرتبطين بعقود سياسية مؤجلة وليسوا مدينين لأحد في الخارج.
 الذكاء الفطري الوقاد لأي سوداني بسيط يجعله يميز بسهولة ما بين من يحكمونه ومن يتمنوا ان يحكونه! الفارق شاسع للغاية ولهذا فإن التقاء قوى نداء المستقبل او نداء باريس او اي من هذه المسميات فاقدة المعنى والمذاق لن يأتي بجديد. أيام قلائل و تتشكل الحكومة الوفاقية الجديدة و تتم متابعة مخرجات الحوار.  لا حل لهؤلاء إلا الالتحاق بذات القطار في محطة قادمة إذ ليس هناك قطار آخر.
لقد سئم الشعب من هؤلاء الذين (يناضلون لصالح مصالحهم وطموحاتهم) . ولن يصدق احد أن الصادق المهدي او عرمان أو الحلو و عقار أو عبد الواحد و مناوي  جبريل يناضلون من اجل شعب السودان. لو أنهم صدقوا أكاذيبهم فهذا شأنهم ولكنهم لن يكذبوا هذه المرة على السودانيين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق