الثلاثاء، 24 يناير 2017

الحزب الشيوعي السوداني، العالة السياسية الأكبر على موائد الآخرين!

ربما كان من حسن حظ الحزب الشيوعي السوداني، في الراهن السياسي الماثل ان هناك قوى معارضة، ما تزال لسبب أو آخر تحسب ضمن ديسك المعارضة، و لكنها في قرارة نفسها على إدارك تام ان ما هو متاح من حراك سياسي سواء على صعيد الحوار أو على صعيد عمليات الاصلاح الجارية الآن في السودان، أمر جيد ومواتي للعمل السياسي المطلوب.
مناخ الحريات الموجود حالياً في السودان وعدد الصحف السياسية المهول و اعداد القوى السياسية و الاحزاب يكفي أي حزب سياسي لديه مؤهلات وطنية ولو في حدها الادنى ليمارس دوره السياسي. حسن حظ الحزب الشيوعي السوداني جعله وسط هذا الخضم، لكي يستفيد منه أقصى استفادة ثم لا يتوانى في رمي الساحة السياسية بحجر على ذات النسق المعروف في أدبيات الحزب (حيطة تتمطى وتلفع في قفا الزول البناها)!
 الحزب الشيوعي دون أدنى جدال لا يؤمن ولا يعتقد في الديمقراطية وليس أدل على ذلك من مسمى (الديمقراطية المركزية) إحدى أبرز منتوجات الحزب السياسي، بوجود (سلطة حزبية مركزية قابضة) لا تتيح حتى لعضوين ان يعقدا نقاشا حراً خارج الأُطر التنظيمية! وكان الشفيع خضر ضحية تاريخية شهيرة لهذه الديمقراطية الشيوعية. ولهذا قلنا ان الحزب الشيوعي في واقع الأمر (يتغذى مجاناً) من ثدي المناخ السياسي العام في السودان و المسرح العريض للنشاط السياسي، فهو لا يملك (عملة سياسية) مبرئة للذمة تتيح له التداول السياسي السلمي ليملك ويتملك!
 لو أمعنا النظر في كافة مناحي الساحة السياسية السودانية فإن من السهل ان نجد أحزاب وقوى سياسية صغيرة او متوسطة ولكنها (تأكل من عمل يدها)! إلا الحزب الشيوعي السوداني، هو دائماً (يتوزع على الموائد) فعلى مائدة (الحركة الشعبية قطاع الشمال) لديه ضيوف، وعلى مائدة حركة عبد الواحد محمد نور هناك أيضاً أكلة على قصعتها! وفي ما كان يعرف بقوى الاجماع هناك مندوبين، وقس على ذلك، موائد و (موالد) في طوائف دينية معروفة يتزعمها زعماء طوائف هناك أيضاً من يأكلون الطعام و يكتبون البيانات بالليل والناس نيام!
 الحزب الشيوعي السوداني قام بعملية نشر وانتشار واسعة و لكن المضحك في ذلك ان عملية الانتشار هذه (مكشوفة) ، فلا هي أفادت وهي سرية ولا هي بإمكانها أن تفيد بعد اصبح السر علنياً. حزب لا يملك الثقة بنفسه وليست لديه (شخصية سياسية اعتبارية) يعتقد انه ماهر وذكي و أنه يستطيع ان يتفرق بين القبائل السودانية.
أما يكفي مع كل هذا التكتيك الافقي والرأسي ولما يجاوز الـ27 عاماً فشل الحزب في التقدم قيد أنملة لكي يقتنع بأن (الخطة فشلت)؟ أين هو (النقد الذاتي)  المشهور في أدبيات الماركسية؟ أين هي المراجعة والواقعية السياسية؟ لقد كان بالفعل من حسن حظ الحزب أن يجد هذه الطريقة لتخفّي تحت أثواب الآخرين و لكن السؤال، هل يتسع المستقبل القريب و البعيد لحزب سياسي بهذه النزعة الانتهازية ان يتحول إلى حزب سياسي له قواعد ومؤهل لخوض انتخابات عامة ومتصالح مع الواقع الثقافي والسياسي السوداني؟
أهرامات وفراعنة الحزب عليهم التدارس الجدي حول هذه التساؤلات فقد طال بهم ليل السياسة الشاتي ولا أمل في بزوغ فجر صادق لم يكونوا صادقين في انتظاره!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق