الثلاثاء، 31 يناير 2017

المعارضة السودانية.. إعادة تأهيل سياسي ووطني!

ليس هناك ما يدهش في المشهد السياسي العام في السودان ويثير الاستغراب سوى جهة واحدة. المعارضة السودانية سواء تلك التى تحمل السلاح أو التى تنتهج نهجاً سياسياً سلمياً.
مكمن الدهشة والاستغراب ان هذه القوى المعارضة بشقيها لا تفعل أكثر من أن تبدي غضباً عارماً تجاه خصومها في الحكومة. الغضب مرده الى إنفراد الحكومة بالسلطة بحسب ما تدعي هذه القوى، ولهذا السبب -وحده- تجد كل خطاب المعارضة وطريقة عملها وأدبياتها ترتكز على أنها صاحبة الحق والجماهير والأحرص على التعددية والديمقراطية.
حسناً لنفترض ذلك جدلاً، إذا كنت أنت صاحب وزن سياسي وجماهيري وحرص على الديمقراطية لِم تحجم عن خوض أكثر من دورتين انتخابيتين؟ و حتى ولو خضتها تخوضها بلسان حال متذمر يطلق اتهامات التزوير؟ لم أيضاً قاطعت هذه القوى الحوار الوطني، هناك بالداخل في الخرطوم بضمانات مثبتة وموثقة.
 أين جماهيرك وقواعدك التى تستند ظهرك؟ لماذا أهدرت فرصك الطبيعية فى التحاور والحجة و المنطق وفرض الرأي المسنود جاهيرياً؟ أليس هذا مدهشاً؟ اذا كانت عشرات القوى المعارضة ومثلها مسلحة تتلقى الدعم الخارجي رغداً يأتيها من كل مكان فشلت فشلاً ذريعاً في زحزحة الحكومة الحالية، ألا يعني ذلك -بالمنطق السياسي البسيط- ان هذا مزاج المواطن السوداني ورغيته السياسية ورأيه في هذه القوى؟
 هل من عاقل معارض ينظر إلى المواطن السوداني من زاوية انه (غبي) أو لا يعرف مصلحته؟ كل قوى المعارضة تعترف لشعب السودان بالذكاء السياسي وأنه (معلم)! لماذا إذن قوى المعارضة لا تحترم هذا (المعلم)؟ قلنا كل ذلك لان قرار رفع العقوبات الامريكية الصادر في 13 يناير لم يربك حسابات المعارضة فحسب ولكنه (أغلق حسابها على الشبكة السياسية)! القرار افرغ جيوب القوى المعارضة من أي نقد قابل للتداول السياسي في السوق السياسي السوداني.
هل بإمكان مواطن سوداني بسيط أن يتصور ان أحزابه وقواه السياسية تعمل في معارضتها للحكومة على عقوبات اقتصادية وقرارات مجلس الأمن وملاحقات المحكمة الجنائية؟ تكتيك المعارضة وكل مهاراتها مرتهنة فقط لدى (الطرف الخارجي والعوامل الخارجية)؟ هل هذه تستحق لقب المعارضة؟ لقد بدا واضحاً الآن أن أوراق اللعبة قد سلبت من يد التعساء فى نداء السودان وقوى المستقبل وقوى الإجماع والثورية وقطاع الشمال.
كانوا يراهنون على (كتشنر) الألفية الثالثة لتضرب مدافعه فجاج الخرطوم! وكان منتهى أملهم أن تسقط حكومة سودانية وطنية بضربات من الخارج وبطائرات أجنبية. إن رفع العقوبات الاقتصادية ينبغي أن يكون النقطة الفاصلة لقوى المعارضة لكي تعيد تأهيل نفسها سياسياً ووطنياً وترتب أوراقها. وزنها البالي، مدى قبولها في الشارع، خبرتها. وليس عيباً أبداً ان تعرف قدر نفسها وان تتعايش مع هذا القدر وتثابر على تطويره وتنظر إلى المستقبل، أما الماضي فقد مضى ولم يحدث قط أن عاد الماضي الى الحاضر أو المستقبل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق