الاثنين، 30 يناير 2017

المهدي كان يريده (أن ترفع ويذكر فيها إسمه)!

 الذي يعرف شخصية وموافق زعيم حزب الأمة القومي السيد الصادق المهدي وتاريخه الطويل الحافل بالإخفاقات والتردد، وسوء إدارة التوقيت والتعامل مع المواقف والأزمات، لن يستغرب قط ولن تستوقفه استدراكات المهدي المدهشة على قضية رفع العقوبات الامريكية عن السودان.
الرجل ولفرط تفاجئه وربما اغتياظه من القرار أورد من عنده وعلى طريقته الفلسفية المشهورة فى تعداد الأشياء ما أطلق عليها (الأسس والمقاييس الحقيقية لرفع العقوبات) وطفق الرجل (يوجّه) الإدارة الامريكية بهذه الأسس والمقاييس ويعددها فى التحول الديمقراطي وتحقيق السلام وإطلاق الحريات ووقف الحرب!
كأني بالمهدي اصبح (مساعداً) للرئيس الأمريكي. وكأني بالرجل لا يحس بمعاناة السودانيين ليس من هذه العقوبات الاقتصادية الغليظة فحسب ولكن من إذلالها وإهانتها لكرامة شعب السودان، وانتهاكها لحقوقه!
كيف لسياسي سوداني يرتكز على خبرة تجاوزت الـ50 عاماً فى المضمار السياسي ان يبدي استياءاً صريحاً برفع عقوبات ظالمة مخالفة للقوانين والأعراف الدولية على بلاده، ثم لا يواتيه أدنى حياء ليطالب الإدارة الامريكية بأن تبني قراراتها على (مقاييس حقيقية)! إن هذا الموقف غير الموفق للمهدي المعروف بمواقفه الكثيرة المماثلة يمكن ان نستخلص منه عدة نقاط للأسف تطعن في صميم مصداقيته الوطنية والسياسية.
أولاً، بدا واضحاً أن المهدي كان ولا يزال والى هذه اللحظة (مؤيداً) للعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان مع علمه القاطع بأن ضررها المباشر على شعب السودان. الدليل المادي على ذلك أنه (انتقد) المقاييس التى تم رفع العقوبات على أساسها وربطها بمقاييس أوردها من عنده!
ومعنى هذا ان الرجل يرى ان مقاييسه هذه لم تتوفر حتى الآن و من ثم فهو غير موافق وغير سعيد برفع هذه العقوبات. ومن البديهي ان الرجل كان يأمل ان ترفع و يذكر فيها إسمه أي حين يصبح هو صاحب التحول الديمقراطي. الأمر لا يحتمل تفسيراً آخر.
ثانياً، ان السيد المهدي -كسياسي عريق- بعيد كل البعد عن معاناة شعبه، اذ إن أي سياسي وطني حقيقي يهمه قبل كل شيء رفع المعاناة عن شعبه ثم يفكر بعد ذلك فى (حظوظه السياسية الخاصة) وفي مستقبله السياسي والتحول الديمقراطي الخاص به! والمدهش هنا ومضحك ومبكي معاً أن إدارة المهدي لحزبه (حزب الأمة القومي) تفتقر للديمقراطية ويعيش حزبه نزاعاً تاريخياً متشعباً بسبب هيمنته الأبوية و غياب الممارسة الديمقراطية.
حتى لجنة استقباله في عودته من منفاه الاختياري وقع فيها نزاع! مجرد لجنة مراسمية للاستقبال لم تنجح فى الممارسة الديمقراطية ومع ذلك يرهن شعب السودان كله للإدارة الامريكية بمزاعم التحول الديمقراطي!
ثالثاً، حتى لو استجابت الإدارة الامريكية -بكرم سياسي فياض منها- لطلبات السيد الصادق و قبلت بمقاييسه الخاصة هذه ترى من أين للرجل (بميزان) يصلح لمقايسة مقاييسه هذه ومن ثم تصحيح امتحان الحكومة؟ هل يصبح الرجل ضمن (لجنة الكنترول والتصحيح) ليقرر هل نجحت الحكومة فى امتحان مادة المقاييس  الديمقراطية؟ أم يترك الأمر للجنة التصحيح الامريكية؟ أم يسند الى لجنة من حزب الأمة شبيهة بلجنة الاستقبال التى استعصى عليها وضع برنامج استقبال زعيم الحزب العائد من القاهرة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق