الثلاثاء، 24 يناير 2017

الدعم السريع.. وسام الإستحقاق وشرف الإنتماء للجيش السوداني!

لان التجربة السياسية السودانية في تاريخها الطويل منذ الاستقلال في العام 1956 ظلت على الدوام متناوشة ومتنازعة بين ما هو استراتيجي وما هو تكتيكي ويتصل بمنازعات الدولة السودانية من حيث هي دولة ذات مؤسسات ثابتة وما هو تكتيكي يتصل بمنازعات السلطة؛ حكومة تسقط وحكومة تنشأ، وتعددية حزبية تعاني من فقدان الاحزاب للديمقراطية والتنظيم، فإن رزايا هذا البلد تكاثرت وتكاثفت حتى ان حمل السلاح ومقاتلة الجيش الوطني العريق ومحاولة كسر نواته اصبح في الساحة السياسية أمراً معتاداً تجد الكثير من القوى السياسية المعارضة -لسبب أو لآخر- سراً أو علانية تساند حمل السلاح ضد المركز وضد الجيش الوطني، المؤسسة القومية المحرم الاقتراب من عرصاتها.
 الحركات المسلحة السودانية –للأسف الشديد من لدن تمرد توريت 1955 وأنانيا (1) وأنانيا (2) مروراً بالحركة الشعبية الجنوبية التى تخصف بدولة الجنوب الارض حالياً وتعصف بالدولة الوحيدة وانتهاء بالحركة الشعبية قطاع الشمال التى تعيث فاسداً في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وحركات دارفور المسلحة التى أدخلت اقليم دارفور في المجال الجوي الدولي بكل مصالحه ومؤامراته وظلمه.
كل هذه الحركات المسلحة كانت وما تزال ترتكب (خيانة وطنية فادحة) بحق الدولة السودانية لسبب بسيط، وهو إنها تصوب السلاح باتجاه السيادة الوطنية وخلخلة البنيان الوطني وتفكك النسيج القومي. لو أن حملة السلاح أدركوا ما يفعلونه ببلادهم وما يلحقونه بسيادتها الوطنية لهانت عليهم مصالحهم الذاتية وأهوائهم وأمزجتهم السياسية هواناً ما بعده هوان. وحين نجح السودان قبل حوالي 7 أعوام في استخلاص (قوات خاصة) ذات تدريب تكتيكي خاص يوازي تكتيك حرب العصابات الذى تنتهجه الحركات المسلحة وعرفت بـ(قوات الدعم السريع) كان ذلك نجاحاً أمنياً باهراً لا لشيء سوى لان حملة السلاح باتوا مستثمرين في أجساد أهلهم والخدمات الأساسية و المنشآت التنموية، والمدارس ومحطات المياه والكهرباء.
حملة السلاح بلغت بهم الخسة والنذالة وفقدان الوازع الوطني أن (استعمروا) مناطق البسطاء وفرضوا الاتاوات و أخذوا الأموال وأذلوا الرقاب! لم يكونوا سوى (سلطات احتلال) على غرار سلطات الاحتلال الصهيوني في فلسطين. فعلوا كل شيء بأهلهم تحت مزاعم النضال والسودان الجديد وإسقاط النظام. قوات الدعم السريع شكلت ترياقاً ودواء ناجع لهؤلاء الموتورين، وما هي إلا سنوات قلائل حتى نجحت في دحرهم وإخراجهم من مسارح القتال.
قوات الدعم السريع انتزعت الحركات المسلحة من مكامنها وأجحارها ولاحقتها ونزعت أظافرها المسمومة و جعلتها تهرب وهي تولول خارج الحدود وتبحث عن مأوى أو ملاذ. كل مهمة أوكلت لهذه القوات نفذتها بمهارة وبسالة في أرجاء واسعة جداً تقدر بعشرات آلاف الأميال في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
إقليم دارفور في هذه اللحظة آمن بفضل مهارة و شجاعة هذه القوات التى أذاقت الحركات المسلحة الأمرين. لماذا إذن لا يتم إقرار قانون خاص يدمج هذه القوات -كإضافة ممتازة- لتاريخ الجيش السوداني، الباذخ أحد ابرز المؤسسات القومية المحترمة المكلفة بحراسة الدولة غض النظر عن السلطة الحاكمة فيها؟
 لقد كان من الطبيعي ان يتم سن قانون خاص لهذه القوات يؤكد تبعيتها رسمياً للجيش السوداني وأن تأتمر بأمر القائد الأعلى للجيش الرئيس البشير، ولهذا فإن قانون قوات الدعم السريع هو بمثابة تأمين إضافي لحدود السودان وسلامة أرضه خاصة وان غالب ضباط هذه القوات هم ضباط في الجيش يملكون قدراً كافياً من الاحتراف وجود الصنعة ومهارة الاداء. إن قانون قوات الدعم السريع الاخير وتقنين وضعها القانوني وفضلاً عن كونه تصحيح لوضع يحظى بالتقدير والاحترام هو أيضاً بمثابة (وسام انجاز) لهذه القوات في مسيرتها الطويلة وأداءها الرفيع.
 ولئن قيل أنها ارتكبت أخطاء، فإن أي قوات في أي بلد مهما كانت درجة تدريبها ترتكب  أخطاء، ولكن ما يغطي على كل ذلك ناتجها النهائي وانجازاتها الملموسة على الأرض، وهي بذلك استحقت شرف الجندية السودانية من بابه الواسع تماماً كما استحقت من قبل شرف الانتماء لجندية جهاز الأمن. ولن يدرك الكثيرون انجازات هذه القوات الآن ولكن التاريخ سوف يكشف ما حققته والصنيع الذي أسدته للدولة السودانية الحديثة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق