الثلاثاء، 24 يناير 2017

الجبهة الثورية ..تبددت الأحلام..نهايات غير سعيدة

البيان الذي صدر من الجبهة الثورية امس بتجديد الثقة في رئيسها مالك عقار وتعديل النظام الاساسي ، وغياب تام لقيادات الجبهة الثورية المعروفة من قادة حركات دارفور ممثلين فى جبريل ومناوى ونور ، وقادة امثال التوم هجو ، وصعود اسماء جديدة في قيادة المجلس مثل نصر الدين الهادي نائبا للرئيس وزينب كباشي امينا عاما بديلا عن ياسر عرمان واسامة سعيد ناطقا رسميا بديلا عن التوم هجو، فإن هذه التطورات في مشهد الجبهة الثورية تؤكد ان هنالك تحولات كبيرة في ظهور الخلافات السرية الى العلن وفى صورة معبرة ، والتي كانت واحدة من اهدافها توحيد وتقوية جهود القوى السياسية وقوى المجتمع الاهلي وقطاعات المرأة والطلاب والشباب والمهنيين والعمال ،وتنظيم صفوف المعارضة من اجل ازالة حكومة الانقاذ او نظام المؤتمر الوطني حسب جاء في ديباجة التأسيس، ومن خلال بيان الامس يتضح ان الجبهة الثورية فشلت في لم مكونات الجبهة الثورية المكونة من الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة ، والتي جاء قادتها في التكوين الاول للجبهة الثورية كنواب لرئيس الجبهة مالك عقار في العام 2012م عام التأسيس، فكيف يتسنى لها جمع قطاعات الشعب السوداني من اجل تحقيق هدفها .ويبدو ان التكوين الجديد وتعديل النظام الاساسي قصد منهما ابعاد قيادات حركات دارفور المسلحة من رئاسة الجبهة ، حيث كان يقضي النظام ان تكون الرئاسة دورية بين الحركة الشعبية قطاع الشمال ومن أبرز قادتها مالك عقار وعبد العزيز الحلو وهو من ابناء جبال النوبة وتولى في تكوين الاول للجبهة الثورية رئيس قيادة الاركان المشتركة ، بالاضافة الى ياسر عرمان الذي تولى امانة العلاقات الخارجية وهي جزء من القطاع الذي يتولاه رئيس الحركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم ، والخلاف الذي نشب في السابق بين قادة حركات دارفور من يستلم القيادة من مالك عقار، من القادة الثلاثة ، عبد الواحد محمد نور وجبريل ابراهيم ومني اركو مناوي ، ولم يتفق قادة حركات دارفور المسلحة فيما بينهم على من يتولى رئاسة الجبهة الثورية ، وهذا الخلاف جاء في صالح الرئيس مالك عقار الذي تم له التجديد اكثر من مرة ريثما يتفق قادة الجبهة الثورية ، ولكن مالك عقار ذهب الى اكثر من ذلك وعدل النظام الاساسي ليأتي في صالح الحركة الشعبية في المقام الاول ومن ثم يأتي في صالحه ، وهذا الامر وضح جليا من خلال تكوين المجلس الجديد والذي ظهر فيه حتى الان ثلاثة اشخاص من غير الرئيس ، ومن خلال هذا التكوين ان عقار اراد ابعاد قادة حركات دارفور المسلحة من المشهد السياسي للجبهة الثورية ، وتصعيد شخصيات لاتملك اي وجود في الميدان ، ولاتمتلك ،اي نفوذ سياسي تستطيع من خلاله الجبهة الثورية ان تسير الى الامام لتحقيق اهدافها ، والدفع بالسيد نصر الدين الهادي كنائب وغياب قادة حركات دارفور وابعاد ياسر عرمان والدفع بسيدة في منصب الامين العام ، والامين العام الجديد هي زينب كباشي ،ومن واقع تعديل النظام الاساسي ستحل محل نواب الرئيس الثلاثة وهم بالتأكيد قادة حركات دارفور المسلحة عبد الواحد وجبريل ومناوي ، ومن هنا يتضح حجم الخلاف الكبير في الجبهة الثورية ، بعد التطورات الكبيرة التي حدث في مسرح الاحداث على المستوي الوطني والاقليمي والدولي ، والذي جاء في غير صالحها .
الحكومة التي تريد الجبهة الثورية اسقاطها عملت من خلال جهودها السياسية والتنموية على اعادة حالة الاستقرار في دارفور الكبرى وباتت قناعات الكثير من المتمردين هي العودة الى الوطن من قادة حركات دارفور خاصة بعد مؤتمر الحوار الوطني الذي اختتم اعماله في اكتوبر من العام الماضي وشكل ارضية صالحة لحل كافة قضايا السودان . وبالتالي شهد هذا الملف تحولات كبيرة لصالح السلام وتشكل العودة اليومية وحالة الانسلاخ من حركات دارفور وعودة الكثير من هؤلاء الى ركب السلام والتنمية قد جعل موقف حركات دارفور في حالة فقدان لوزنها السياسي لدي قطاع الشمال الامر الذي شجع مالك عقار لاتخاذ هذه الخطوة بتعديل النظام الاساسي لتتوافق مع طموحاته الشخصية ، والامر الثاني الذي جعل حركات دارفور ضعيفة ،تلك الضغوط الدولية على دولة الجنوب التي تؤوي الكثير منها وتستخدمها كورقة ضغط على الخرطوم ، ولم تعد جوبا في وسعها التعامل مع حركات دارفور بأكثر من ضيافتها لوقت محدود بعد ان شاركت في معاركها ضد متمردي الجنوب بقيادة رياك مشار ،واستخدامها ورقة ضغط على الخرطوم وهذا التحول الدولي تجاه الجنوب قد اضعف من وضعية حركات دارفور ، ولم يعد لها ملاذ لكي تستعيد انفاسها وتستجمع قواها التي كادت ان تذهب في ظل التحول الدولي تجاه دول الجنوب ، والتي تقول في كل مرة انها طردت حركات دارفور المتمردة من الجنوب ولكن الواقع يقول غير ذلك وتقارير الامم المتحدة تؤكد ان جوبا لازالت تؤويها لاستخدامها في الوقت المناسب.
وشكل الوضع المأزوم لحركات دارفور حالة الوضع السيء الذي تعيشه الذي تعيشه الجبهة الثورية وهي تتصارع حالة الموت وترى النهايات غير السعيدة وتتبدد احلامها ويتفرق دمها بين التطورات المحلية داخل السودان وماتحقق من ماكسب لاهل دارفور والمنطقتين ، وماجرى في البعد الاقليمي والذي كان يشكل سياجا آمنا لتلك الحركات التي تتحرك في مساحات اكبر من حجمها الطبيعي.
وكان التطور الاكبر والذي قضى على طموحات واحلام وامال الجبهة الثورية هو التحول الذي طرأ في العلاقات السودانية الامريكية والذي توج برفع العقوبات الاميركية حيث كانت هذه الخطوة اشارة الى تحسن علاقات السودان مع الولايات المتحدة والدول الاوربية ، وكانت هذه الخطوة كفيلة بأن تجعل الجبهة الثورية تلفظ انفاسها الاخيرة لان هذه الخطوة تحد من تحركاتها وتفقدها الدعم اللوجستيي الذي كان يأتيها ممن يتفقون معها في اسقاط النظام ، والجبهة الثورية عادت يتيمة ولم يعد لها صديق حميم لان السياسة تقول لاعداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما مصالح دائمة ، وهذا الامر فهمته الجبهة الثورية في النهاية وهي تحتضر .
ومافعله ملك عقار بتكوينه للمجلس الجديد خاليا حتى الان من قادة قطاع الشمال وحركات دارفور وتعديل النظام الاساسي ، هو خطوة للاحتفاظ برماد جثة الجبهة الثورية او اراده كخيال مآته ليحقق به بعضا من الرضا النفسي ، ولكن الحقيقية تقول ان الجبهة الثورية قد انتهت وكما اهلنا في السودان (ماتت وشبعت موت)..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق