الثلاثاء، 24 يناير 2017

المهدي خارجاً.. المهدي عائداً.. الأمر سيان!

حين خرج السيد الصادق المهدي -قبل حوالي عامين من السودان- تحت ذريعة سياسية أضحكت حتى قادة حزبه حينها؛ من أنه خارج لمهمة سياسية وفق تكليف من الحزب، لم يكن الرجل ملاحقاً قضائياً ولا مطارداً سياسياً ولا كان يشعل بال السلطة الحاكمة. بالمقابل كانت حسابات المهدي والرجل مشهور منذ دخوله حلبة السياسية بالحسابات الخاطئة ان خروجه سوف يفشل مشروع الحوار الوطني ويوقفه، و ان الحكومة السودانية سوف تحتار و تتلفت يسرة  يمنة حائرة، وأن المجتمع الدولي سوف يتسابق للقائه ومساندته و مؤازرته في (جهاده المدني)!
 الآن مضت عامين، و حصاد المهدي الخارجي هشيماً. حتى حين وعد باصطحاب قادة حركات مسلحة معه من الخارج (صحبة راكب)  فإن الجل في آخر حوار أجري معه من مقر إقامته في القاهرة قلل من ذلك وأعطى اجابة مفتوحة كعادته حين تحاصره الحقائق! فقد ذكر انه من جانبه (وجّه الدعوة) لقادة القوى المسلحة للذهاب معه إلى الخرطوم!
وبالطبع لا أحد يعرف ما الفارق ما بيت توجيه الدعوة من القاهرة و إمكانية توجيهها من الخرطوم، كما لا يعرف حتى في حالة نجاح المهدي في العودة بصيد سياسي سمين بمعية قادة حركات مسلحة سيكونون ضيوفاً عليه باعتباره السيد الصادق المهدي (أمل الأمة)، أم سيكونون ضيوفاً على الحكومة السودانية تحت كفالته؟ في كل الاحوال فإن المهدي الآن قلق للغاية، لان العودة أصبحت ملحة سياسياً ولكنها ليست بالمذاق السياسي الطيب الذي لطالما اشتهاها، فهي ملحة لأن القطار في الخرطوم يوشك على التحرك، مخرجات الحوار اصبحت برنامجاً للمرحلة المقبلة.
الحكومة الوفاقية وشيكة التشكيل. مطلوبات الحريات وتغيير القوانين تمضي على قدم وساق. الحروب على الاطراف رجحت كفتها لصالح الحكومة، وفقدت الحركات المسلحة الامل في إعادة اشعال المسرح. حزبه بالداخل متشظي . خصمه اللدود وإبن عمه مباركة الفاضل يتحرك في ذات مواضع حركته، ولو تأخر المهدي قليلاً فإن مبارك الفاضل سيملأ الفراغ!
هي إذن ورطة، ورطة السياسي ذي النزعة الأكاديمية المرتكزة على التمنيات السياسية و الحسابات الخاطئة و الافتتان الذاتي بالذات. ولع السيد الصادق المهدي بالديمقراطية الغربية و حبه لذاته وقدراته الخاصة جعلته يعتقد ان الأمور لا تيسير إلا في وجوده والآن تكاد الظروف تثبت له أن الأمور سارت في غيبته وكادت ان تبلغ منتهاها وهو غائب. لا أصلح حزبه و رتب بيته من الداخل و اقام حزباً ديمقراطياً ذي قاعد حقيقية، ولا استفاد من المساحة السياسية المتاحة لإبراز مهاراته في التسديد و الوصول إلى المرمى.
وعلى ذلك فإن من الممكن ان يجد الرجل  (عذراً) في جعبته لتأجيل العودة  بذات القدر من الممكن ان يعود دون ان تكون العودة ذات رنين يستحق العناء! المهدي نموذج تاريخي للتردد، والحسابات الخاطئة والدوران الذي لا ينتهي حلو الذات و الأنا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق