الاثنين، 30 يناير 2017

الرِفاق وفلسفة المُر والأمرَّ منه!

لو أن الحزب الشيوعي السوداني وجد مناصاً آخر يجبنه مرارة تأييد رفع العقوبات الامريكية عن السودان ما توانى فى ذلك. ولكن لان السياسة، هذا المتغير العجيب حشرت الحزب حشراً في مواقف قليلة الخيارات، فإن حزب الطبقة العاملة لم يكن له سوى خيار تأييد رفع المعاناة عن شعب السودان والترحيب بالقرار الأمريكي.
لسنا هنا في مقام التقليل من موقف الحزب، وان كانت المعطيات المتوفرة كما أسلفنا لا تتيح له خياراً آخر ولكننا هنا بصدد التساؤل عن جدوى موافق الحزب الشيوعي الرافضة للحوار، الرافضة للتطورات السياسية فى السودان، الرافضة للتحول الديمقراطي، في الوقت الذي يمكن القول فيه -بأدلة قاطعة- ان التطورات السياسية الجارية فى السودان مثلت واحدة من أهم عناصر رفع العقوبات وبالتالي فإن الذين ينظرون الى مجمل الأوضاع فى السودان من الخارج وصلوا إلى قناعة ان هذا البلد بدأ يتعافى سياسياً ومن الأفضل -بغرض دفعه أكثر لهذه المعاناة السياسية- ان ترفع عنه العقوبات وان يجد التشجيع والدعم من المجتمع الدولي.
هذه النقطة هي النقطة المركزية فى النزاع القائم بين الحكومة السودانية ومعارضيها، إذ المعروف ان الحزب الشيوعي السوداني -ضمن أحزاب اخرى- يعارضون النظام القائم في السودان بدعوى انتهاكاته الحقوقية وحروبه ومشاكله المزمنة ولا يضعون أدنى وزن في سير هذا البلد، وإصلاح أوضاعه. الآن بلد مثل الولايات المتحدة يقر بوجود جدية و تحسن جدي فى إصلاح الأوضاع ولولا ذلك لما رضخت واشنطن لرفع العقوبات عنه لان أسباب إنزال هذه العقوبات حين فرضت في العام 1997 كانت تتصل بهذه الأمور.
إن الحزب الشيوعي السوداني بدا منطقه -حتى مع ضعفه- يتلاشى، و بدأ يدرك ان (جناحه العسكري) المتمثل فى الحركة الشعبية قطاع الشمال المستند الى حلفائه الأمريكيين بات بلا أسنان أو أظافر! تلك هي الآن ورطة الرفاق، الذين يزعمون أنهم يعتنقون الماركسية والاشتراكية المضادة للرأسمالية ففى الوقت نفسه  يسندون ظهرهم الى زعيمة الرأسمالية فى العالم، الولايات المتحدة!
الأمر الأكثر فداحة فى الخسارة ان الحزب الشيوعي فاته قطار الحوار وأنه إذا أراد الوصول الى محطة السلام والتحول الديمقراطي لا بد له من ان يشتري تذكرة ويلحق بالقطار حتى ولو بالقرب من المحطة الأخيرة، إذ ان الحكومة الوفاقية المرتقبة وشيكة التشكيل وهي ستأتي فى مناخ سياسي واقتصادي مواتي.
المعاناة التى كان يستثمر فيها الحزب الشيوعي وارتفاع التضخم وضعف معدل النمو، واختلال الموازنة العامة، كل هذه باتت الى زوال فسوف ينفتح الأفق الاقتصادي فى السودان بذات انفتاح الأفق السياسي وسوف تصبح الأسباب المفضية الى انتفاضة سلمية او عصيان مدني ضرباً من الجنون!
ترى ما هو مصير الحزب الشيوعي السوداني وقد تساقطت أوراقه وتبعثرت في ظل هذه المتغيرات المفصلية المفاجئة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق