الأربعاء، 25 يناير 2017

إنتخابات إتحاد جامعة كسلا.. تجربة نقابية ملفته للنظر!

يبدو ملفتاً للغاية لأي مراقب تضعضع التنظيمات والأحزاب السياسية السودانية بوجه عام. المواطن السوداني البسيط بإمكانه أن يورد لك عشرات الحجج القوية على أن الاحزاب السودانية ليست خياراً له، فهي حتى فيما سبق في الماضي كانت محض إرث سياسية توراثه بعض الأبناء عن الآباء في خضم عملية استقلال السودان العام 1956، وبعدها لم تعد هذه المواعين السياسية تتسع لعمل تنفيذي خلاق أو برامج خدمية حقيقة أو تنمية متوازنة. محض صراعات ومشاكسات في الغالب يحسمها زعيم الحزب -زعيم الطائفة- بإيماءة منه!
 الناظر الآن إلى التنظيمات السياسية الطلابية يلمس بؤساً مماثلاً. جامعة كسلا -بأقصى شرق السودان- جرت فيها قبل أيام وتحديداً في 4 يناير 2017م عملية انتخابية لانتخاب اتحاد الطلاب. تم نشر الجداول الزمنية الخاصة بالعملية من تقدم للترشيح ونشر القوائم والطعن والانسحاب ثم  إعلان الكشوفات النهائية. بمتابعة (سودان سفاري) للعملية فإن فتح باب التشريح تم وفق الجدول المعلن ولكن طوال الوقت المقرر لم تتقدم قائمة للترشيح سوى قائمة الطلاب الوطنيين الإسلاميين.
وحين أغلق باب التشريح وتم فتح باب الطعون لم يتقدم احد طاعناً في قائمة الطلاب الوطنيين وهكذا وبحسب اللائحة المقررة جرى اعتبار الكشوفات نهائية وبحسب اللائحة أيضاً فإن عدم  تقدم أي قائم أخرى -بخلاف القائمة المقدمة -يجعل القائمة المقدمة هي الفائزة بالتزكية. وبالطبع كان الأمر مثيراً للتساؤل، ولكن الطلاب المنتمين لتنظيمات أخرى (التحالف الطلابي والاتحادي الديمقراطي) عقدوا ندوة في ذات اليوم قالوا فيها إنهم قاطعوا الانتخابات وأن همّهم الأكبر أكبر من العملية الانتخابية، وكان الأمر المدهش حديثهم عن ضعف مرتبات العاملين والحرس الجامعي!
هذا الحدث يمكن أن يعطي عدة مؤشرات سلبية وايجابية معاً. فمن ناحية يمكن أن يلاحظ تراجع العمل السياسي الحزبي داخل الجامعات كنتيجة حتمية لتراجع أداء الاحزاب السودانية المعارضة. فما يجري خارج الأسوار الجامعية يلقي بظلاله على الطلاب، وهذا ربما كانت فائدته الايجابية تلاشي الممارسة الحزبية بشكلها المزري القديم بكل ما فيه من صراعات وفتن، ومكايدات سياسية.
يكمن أيضاً ملاحظة نواحي ايجابية في أن إدارة الجامعات على أية حال ربما نجحت في محاصرة العنف الطلابي وقللت من فرص تدخل الاحزاب السياسية من خارج الجامعة في المسرح الطلابي الداخلي، وهذه ايجابية جيدة بصرف النظر عن مآلات هذه الاحزاب وضعفها. هناك أيضاً ايجابية إضافية وهي أن الاحزاب الطلابية المعارضة باتت تهتم بقضايا حيوية بأكثر من أن تصبح ظلاً للأحزاب السودانية خارج إطار الجامعة.
وفى كل الأحوال فإن تجربة انتخابات جامعة كسلا تصلح نموذجاً للعمل النقابي المتوازن، البعيد عن المزايدات السياسية والأقرب إلى واقع الطلاب ومتطلبات الحياة الجامعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق