الاثنين، 25 يونيو 2018

لاهاي ضد السلم و الأمن الدوليين!

في تقريرها رقم (27) الذي عادة ما يتم تقديمه أمام مجلس الامن الدولي كل ستة اشهر، ناشدت المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية أعضاء المجلس وبقية الدول الاعضاء في الاسرة الدولية، المعاونة على توقيف الرئيس السوداني، عمر البشير الصادر بحقه مذكرة بهذا الصدد.
التقرير المطول ذي البنية الانشائية لم يأت بجديد، فهو وكما كل مرة يقول ذات العبارات وينطوي على ذات العجز والفشل ثم ينفضّ اعضاء المجلس لحين حلول موعد تقرير جديد.
ولعل ابرز ما يلاحظ على التقرير ومواعيد عرضه الدورية التى تتكرر في العام الواحد مرتين، ان عمر المحكمة حتى الآن قد تجاوز الـ15 عاماً، وعمر المذكرة التوقيفية الصادرة بحق الرئيس السوداني قاربت الـ10 اعوام! ومع ذك لم تنجز المحكمة شيئاً. لا هي حققت عدلاً حيال الجرائم والانتهاكات الجسيمة المنتشرة في دول عديدة حول العالم، وفي مقدمتها الاراضي العربية المحتلة وجرائم الكيان الاسرائيلي اليومية المضطردة؛ ولا هي نجحت في حفظ ماء وجهها كونها تتحدث وتطيل الحديث ولا تفعل شيء.
مندوب السودان امام مجلس الامن، السفير (عمر دهب) منحته المناسبة البائسة سانحة تاريخية جيدة ليكشف جانباً مظلماً من هذا التناقض السافر في المفاهيم القانونية العدلية الدولية. فقد أبان دهب ان محكمة الجنايات الدولية وضعت الاسرة الدولية في تناقض مريع ما بين الالتزام بقراراتها وما بين احترام ومرعاة الاتفاقات الدولية!
ففي حين تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدولية 1959 على ضرورة التزام الدول بواجب مرعاة حصانات الرؤوساء والمبعوثين الدوليين والعاملين في السلك الدبلوماسي، تطالب محكمة الجنايات الدولية –ذات الدول المخاطبة بهذه الاتفاقيات الراسخة– بضرورة خرقها ومخالفتها باعتقال رؤساء الدول حين يحطون ضيوفاً عليها!
ولا نعتقد ان المجمع الدولي المهتم بترسيخ التقاليد و الاعراف  الدولية لكي يسود السلام في العلاقات الدولية قصد الحط من شأن هذه الاتفاقات التى تجاوز عمرها الـ60 عاماً! لهذا فان اقل ما يمكن ان توصف به تحركات محكمة الجنيات الدولية انها تحركات القصد منها خلخلة البنيان السياسي و النظام القانوني العتيق للمجمتع الدولي، بحيث تعتقل دولة رئيس دولة اخرى وتقوم دولة اخرى باعتقال مبعوث دبلوماسي، فينكسر عود العلاقات الدولية يتشتت نسيج العلاقات بين الدول وتنشب الحروب، و يغيب الامن والسلم الدوليين.
السفير السودان، دهب، أيضاً اشار إلى نقطة لا ندري متى ينتبه اليها المجتمع الدولي ويأخدها في اعتباره، فقد اشار إلى قرارات الاتحاد الافريقي الداعية إلى رفض التعاون مع الحكومة، وهي قرارات اتخذها القادة الافارقة بعد ان ادركوا حقيقة هذه المحكمة، وتوجهاتها ذات المنحى العنصري الواضح الميال إلى ملاحقة ذوي البشرة السمراء وحدهم وترك الآخرين!
 لو ان المجتع الدولي اخذ بهذه الحقائق وأعاد النظر في ميثاق روما المنشئ للمحكمة و النظام الاساسي الذي تعمل على اساسه المحكمة، ربما امكن التوصل إلى صيغة اقرب للموضوعية و اقرب إلى حلم المجتمع الدولي بانشاء محكمة جنايات عادلة لا تقودها السياسة والمصالح و المآرب الدولية الضيقة.
ان قيام المدعي العام للمحكمة بإيراد هذه التقارير النصف سنوية بهذه الطريقة المثيرة للملل، هي في واقع الامر اهدار للوقت والمال، اما ثالثة الاثافي فتتمثل في صمت المحكمة صمتاً غريباً عن الدفاع عن فسها حيال اعمال الرشوة والفساد التى ترددت منذ سنوات وثبتت بالديل القاطع. فبدلاً من أن تنظف المحكمة ثيابها المتسخة بهذا الفساد؛ اتخذت الطريقة السهلة بإيراد تقرير دوري ليس فيه ما يفيد، عديم الجدوى، عديم الفاعلية، يهدر الوقت ويزيد الافق إنسداداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق