الأحد، 24 يونيو 2018

هيومان رايتس ووتش.. البكاء على اللبن المسكوب!

لـ(هيومان رايتس ووتش) تاريخ حافل بالاجندات والمؤامرات والدسائس مع السودان. ويمكن القول انه و خلال العقدين الماضيين لم يكن لهذه المنظمة الحقوقية الدولية اهتمام بشي، قدر اهتمامها بالسودان.
وفى حقبة التسعينات وعلى ايام الحرب الاهلية المستعرة بين السودان وجنوبه كانت هيومان رايتس، تغوص في الشأن السوداني و تطارد كل تفاصيل الحرب وتصنع منها مادة سياسية تطوق بها عنق السودان، ومن ثم وحين تم وضع حد للحرب الدائرة في الجنوب، نيفاشا 2005و استلقى السودان على وسادة سلام ناعمة، سرعان ما توجهت ووتش تلقاء اقليم دارفور ووجدت فيه مرتعاً لاجندتها.
ولهذا فان من الطبيعي –في ظل هذا التاريخ الطويل والحالك- ان تشعر ووتش بشيء من الاسى و تصاب بالذعر جراء قرار مجلس الامن الدولي القاضي بتخفيض بعض قوات حفظ السلام (يوناميد) في دارفور. إذ ان قرار التخفيض التدريجي يمهد لخروج نهائي و كامل، ومعناه ان الاوضاع في الاقليم بدأت تعود لطبيعها و ان السودان يسيطر على الاوضاع و ان العنف قد تراجع وما من سبيل بعد الآن لاعادة وصم السودان بتهمة انتهاكات حقوق الانسان او الابادة الجماعية او غيرها من الانتهاكات التى لا يطيب لووتش العيش الا في خضمها!
 ووتش شديدة القلق جراء خروج ملف السودان و تسربه من بين ليديها، فهي لم تظل قريبة من الملف كل هذه العقود و السنوات لكي تفقده بهذه البساطة! مدير قسم افريقيا في المنظمة (ماوسي سيفون) اعرب عن قلقه من ان تؤدي عملية تخفيض انتشار بعض قوات حفظ السلام في الاقليم إلى انهاء الدور الاساسي للبعثة المتعلق بمراقبة حقوق الانسان.
و طالب مدير قسم افريقيا بان تظل للبعثة مهمة المراقبة و الابلاغ العلني عن الانتهاكات في جميع انحاء الاقليم وطالب سيفون مجلس الامن (بعدم تبني مقترح التخفيض) الذى وصفه بانه (قصير النظر)! وهكذا يبدو جلياً ان هيومان رايتس على وشك فقدان ميدان سياسي مضمون ظلت تعتاش على ريعه لعقود خلت، ولكن هل وقفت ازمة (ووتش) عند هذه المعضلة؟ بالطبع لا، قد فوجئت ووتش مؤخراً بالاجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة و القاضي بانسحابها من هيئة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف.
الولايات المتحدة انسحبت من الهيئة ووصفتها بانها تتبنى نهجاً عنصرياً وغير متوازن في تعاطيها معل القضايا الحقوية ! لقد أسقط في ايدي ووتش وهاهي تتلقى ضربة قوية من دول كبرى مؤثرة في المعادلة الدولية وهي الولايات المتحدة. اذ ان واشنطن التى قضت عمرها تستخدم قضايا حقوق الانسنان ضد الدول ، ادركت في لحظة فارقة ان هيئة حقوق الانسان ليست متوازنة ولها اجندة و ممارسات لا تتسق مع قضايا حقوق الانسان!
و ليست الازمة الان ان ووتش ما عادت تجد متبغاها في الساحة الدولية ولكن الازمة الاكثر تاثيراً على هذه المنظمة انها بدات بالفعل تفقد وجودها في المنضدة الدولية. و كما يقولون كما تدين تدان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق