الخميس، 28 يناير 2016

الشيوعي والمؤتمر السوداني.. لا هذا ولا ذاك!

حزب المؤتمر السوداني عقد مؤتمره العام مؤخراً واختار رئيساً جديداً خلفاً للرئيس السابق إبراهيم الشيخ. إلى هنا والأمر يجري في سياقه العادي طالما أن الحزب يدعي الديمقراطية ويهيم بها حباً.
من الطبيعي جداً في أي ممارسة ديمقراطية أن ترتب نتائج بناء على مقدمات؛ غير أن المثير للدهشة، أن الحزب سرعان ما أهال التراب على ما فعل، فقد أصدر الحزب (بياناً نرجسياً) مطولاً، ولا نريد أن نقول إنه (باعث على الملل) يباهي به ويفاخر ب نفسه!
الحزب بدا وكأنه (ينظر في مرآته) الخاصة لوقت طويل ويتحسس جمال زينته وانجازه التاريخي كونه أبدل زعيمه بزعيم آخر! مكمن الدهشة هنا أن الحزب نفسه (مندهش) من فعلته! ولم يدع للآخرين فرصة لكي يمتدحوا ما فعل، مع انه لم يأت بجديد.
وحين نقول لم يأت بجديد فإننا نعني ذلك من الناحية السياسية والقانونية والتنظيمية. كيف ذلك؟ أين هي الديمقراطية الموضوعية إذا كان زعيم الحزب السابق (إبراهيم الشيخ) هو الذي سعى (سراً) وتارة (جهراً) مستخدماً نفوذه وسلطته (المالية) لكي يكون خلفيته عمر الدقير!
ما من مراقب حصيف وموضوعي لا يعرف الجهود الحثيثة التي بذلها الشيخ (بشتى السبل) لفرض زعامة الدقير، وهي أمور ندع الأيام وحدها تكشف عنها في الوقت المناسب وهي فاعلة لا محالة.
أما الحزب الشيوعي، فقد أضاف على غرابة الممارسة الديمقراطية التي مارسها المؤتمر السوداني غرابة أكثر غرابة! الحزب الشيوعي عقد مؤتمره العام الخاص بمدينة الخرطوم (تحت الأرض)! ومبعث الدهشة هنا ليس انعقاد مؤتمر عام لحزب في مدينة حضرية هي الأضخم من بين المدن السودانية قاطبة وهي الخرطوم، (تحت الأرض) بأقصى درجات السرية!
مبعث الدهشة كان في اتجاه آخر مختلف تماماً! فقد بدا لقادة الحزب -بما لديهم من الذكاء- أن عقدهم لمؤتمرهم من الممكن أن يعرضهم لعدة مخاطر:
أولها، مخاطر (ضعف) العدد والعضوية باعتبار أنها تضعف من وزن الحزب في أجواء سياسية حبلى بالكثير! إذ ليس سراً أن الحزب الشيوعي في السنوات الخمس الأخيرة فقد أكثر من ثلثيّ وزنه وعضويته سواء بسبب الخلافات التنظيمية (حق وأخواتها) أو بسبب فصله لقادة جهروا بآراء (ممنوعة سياسياً) وفق ديمقراطية الحزب مثل الشفيع خضر وآخرون!
ثانياً، مخاطر (شماتة) أحزاب المعارضة نفسها التي حاول الحزب الشيوعي أن يديرها بطريقته المعروفة وهي قوى الاجتماع التي تفرقت بها السبل وانقضى تحالفها.
ثالثاً، مخاطر ظهور الخلافات –داخل المؤتمر– على السطح وتحولها إلى مادة صحفية ثرة. غير أنه ومع كل هذه الحيطة والحذر والتدابير المضنية التي بذلها قادة الحزب كان مؤتمر الحزب الخاص بمدينة الخرطوم (مفتوحاً ومتاحاً) من حيث لا يدرون ولن يدروا، ويكفي للتدليل على خطل منهجية (تحت الأرض) أن الراحل نقد، السكرتير السابق للحزب، فوجئ مفاجأة صاعقة، حين وجد من يقاسمونه (تحت الأرض) ويزاملونه هناك منذ اللحظة التي قرر الحزب أن ينزله إلى هناك!
ما من شك أن الحزب الشيوعي السوداني فقد المهارة والذكاء منذ سنوات، ولا شك أن المؤتمر السوداني (ابتدع) ديمقراطيته الخاصة وهو لا يدري أنه يباهي باختراع مكرر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق