الاثنين، 4 يناير 2016

الحركات الدارفورية ومهنة قطع الطريق في ليبيا!

ربما كان أمراً طبيعياً ومتوقعاً أن تنتهي الحال بحركات دارفور المسلحة -أي حركة- بأن تنهار  تتلاشى وتغيب في الأفق، فالحركات الدارفورية المسلحة بواقعها المزري ورؤيتها السياسية الغائبة لن يستغرب أحد إذا ما غابت في يوم ما، ولم يعد لها وجود ولم يعد ذكرها أحد. فقد كان ولا يزال سهلاً أن يلتقي عدد من الناقمين ويشتروا سلاحاً وسيارة ويقودون هجوماً خاطفاً على أهلهم وذويهم إعتقاداً منهم -بهذا الصنيع- أنهم يطلقون شارة الانطلاق لكي يتحولوا إلى حركة مسلحة!
عشرات الحركات دخلت هذا المضمار وبعضها خرج قبل أن يسمع بهم أحد. وهذه كانت ظاهرة سياسية مؤسفة ومؤلمة، ولكنها على أية حال وجدت أرضاً خصبة مواتية في إقليم دارفور في حقبة ماضية، حين كانت أبواق الدعاية الخارجية تشجع مثل هذا العمل، والميديا الدولية تتلقف هؤلاء وتغدق عليهم بالدعم بشتى أنواعه وصنوفه.
غير أن ما لا يمكن اعتباره أمراً طبيعياً ومقبولاً في هذا الصدد، هو أن تتطور الأمور بالحركات المسلحة لتصبح ليس فقط (حركات مرتزقة) تعمل مقابل المال لصالح حروب الآخرين في مناطق خارجية وإنما أن تجعل هذه الحركات المسلحة من إرتزاقها نفسه، أسلوباً للحياة. فعلى سبيل المثال -ووفق شهود عيان- فإن حركات دارفور المسلحة تنشط الآن وتعمل في عمق الأراضي الليبية!
ففي الطريق الرابط بين الكفرة وبنغازي وتحديداً في بوابة (أب زريق) وفي شهر ديسمبر الماضي أطلقت مجموعة من الحركات الدارفورية المسلحة النار على سيارة كانت تحمل مواطنين ليبيين في طريقهم من الكفرة إلى بنغازي. الحادث أسقط مواطناً ليبياً قتيلاً وبجانبه مواطن سوداني يدعى (محمد علي) من منطقة شمال كردفان وأصيب بجراح خطرة مواطن سوداني آخر تم إسعافه إلى مستشفى بمنطقة (أجدابيا)!
المؤسف في الأمر أن هذه المجموعات المسلحة ظلت ولما يجاوز العام الكامل تقوم بقطع الطريق واعتراض المارة ونهب السيارات العابرة فيه، وفى بعض الأحيان تقوم بفرض إتاوات مقابل كل سيارة ويصل المبلغ الذي يطلب إلى (150) دينار ليبي والشاحنات يتم إجبارها على سداد 200 دينار ليبي. شهود العيان الذين أوردوا هذه الوقائع وعانوا الأمرّين قالوا إن الحركات المسلحة التي رأوها بأعينهم وبأزيائهم المميزة لديهم حوالي 20 سيارة محملة بالمدافع الثقيلة والخفيفة، ومن السهل عليهم إطلاق النار على أي شخص أو سيارة ولأيّ سبب كان.
من الواضح بهذا الخصوص أن هذه الحركات المسلحة أصبحت هاجساً أمنياً سالباً للغاية في المنطقة، فهي تزيد من جراح الليبيين، وتعتاش على السلب والنهب والاتاوات بقوة السلاح  ويزداد تأثيرها الأمني يومياً بحيث باتت تعيق حركة المواطنين! هذا التطور المؤسف مثير حقاً للاستغراب إذ كيف لمن حملوا السلاح لأسباب سياسية ومطلبية ولدعواي التهميش المعلوم أن يتحولوا -هم أنفسهم- إلى مهدد أمني وحرب على الحياة؟
لا شك أن مرد كل ذلك إن هذه الحركات المسلحة -منذ البداية- لم تكن جادة  أمينة، كانت فقط تجترح أسلوباً مغايراً للحياة ولم تجد سوى السلاح لكي تحيل حياة الآخرين إلى الجحيم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق