الأربعاء، 27 يناير 2016

ما بين الشجاعة الوطنية وشجاعة الكي بورد!

من المهم جدا ولصالح المصلحة الوطنية المحضة أن نسأل السؤال المحوري الآتي: ماذا حقق، وماذا ينتظر أن يحقق المعارضون السودانيون المقيمين خارج السودان واللذين حصروا كل نضالهم السياسي علي إطلاق الشائعات الاسفيرية وتخوين الآخرين ونشر الأكاذيب؟ لا شك أنهم لم يحققوا شيئاً، فلو كان النضال السياسي بهذه الطريقة السهلة ـكي بوردـ جهاز حاسوب، ومكان مظلم وآمن، فإن أحداً لن يصعب عليه ممارسة النضال .
ولكن ومع كل ذلك دعونا نجري موازنة موضوعية محايدة ما بين موقف الذين أدركوا عبثية هذه الطريقة وضحالة مردودها السياسي، فقرروا الانضمام إلي مشروع الحوار الوطني ليقارعوا خصومهم الحجة بالحجة، وليقولوا كلمتهم ويصدحوا بها ـكفاحاًـ وعلي الملأ، أولئك اللذين ما يزالون في (ظلامهم)، يحاججون عالماً افتراضيا ويتمتعون بحرية زائفة، ونضال محميّ بطاقية إخفاء وحصن تنكري لا حظّ  له من الشجاعة ولو في أدني درجاتها! البون شاسع  بالطبع ما بين الموقفين وليست هنالك حاجة بالطبع للتفصيل في هذه الفوارق التي تتكشف بها معادن المناضلين! ولكن المدهش حقاًً في الأمر، أن هؤلاء المتخفين، المعتصمين  بظلامهم ومجراتهم  المغلقة الخفية، لم يدعوا اللذين حضروا للحوار والتعبير عن الرأي وحال سبيلهم!
أنت  تطالب وتزعم أنك تريد الحرية والديمقراطية ثم ما لبث أن تمارس دكتاتورية موقفك حيال مواقف الآخرين! لندع  أيضا هذه المطالب  المخجلة فهي لا تستحق أن نقف عندها طويلاً ولنتساءل علي نحو آخر ما الذي حققه اللذين  امتلكوا (شجاعة وطنية) بمشاركتهم في الحوار الوطني، في مقابل أولئك الذين أحجموا واكتفوا بذم الحوار والمشاركين فيه وشنّوا حملة شعواء عليهم؟
أولاً، الذين جاءوا من الخارج وشاركوا في الحوار أثبتوا لكل بني وطنهم أن قضيتهم وطنية ولا مصالح شخصية لهم، وهذه بدون شك في الأعراف السياسية والأخلاقية السودانية شهادة براءة وطنية لا تقدر بثمن!
ثانياً، طرح هؤلاء القادمين لرؤاهم  ومواجهتهم لخصومهم علي نحو مباشر وممارستهم لحقهم في إبداء رأيهم بوضوح وصراحة،  اثبت أنهم أصحاب مبدأ ورأي واحد. بمعني أنهم يقولون أمام الملأ في قاعة الحوار ما ظلوا يقولونه في الخارج وهذه في حقيقة الأمر سجية سياسية ضرورية جدا لصالح الممارسة السياسية الحقة في  بلد كالسودان عانى وما يزال يعاني من مدعي البطولات، وأصحاب الألسن السياسية الملونة والمتعددة!
ثالثاً، وضح جلياً لمن شاركوا في الحوار وهم كانوا في السابق في الخارج أن الأوضاع في السودان علي أية حال ليست بكل ذلك السوء (المنقول) عبر الفضاء الاسفيري والدعاية الغربية.
الناشطة الشهيرة (تراجي مصطفي) تجولت في عدة مناطق (بما في ذلك إقليم دارفور) ودخلت القصر الرئاسي وقصر الضيافة الرسمي والتقت الرئيس نفسه ولمست بنفسها طبيعة الأوضاع ثم عادت ـبحرية تامةـ إلى موطن إقامتها بالخارج! ليس ذلك فحسب ولكنها قالت للرئيس ـوجهاً لوجه ـ ما رأت أنه لزاماً عليها أن تقوله نقداً للحزب الوطني أو الحكومة.
من ترى من مناضلي (الكي بورد) يملك الإرادة والشجاعة
لفعل أمر كهذا؟ إذن يمكن القول أن أزمة (المناضلين) المستترين، هي أزمة تخصهم وحدهم تخص ثقتهم في أنفسهم وفي إرادتهم و(إدمانهم) للتخفي المانع للمسئولية! ولهذا كان من الطبيعي ـوقد فقدوا هذه الميزة الوطنية الغاليةـ أن يوجهوا الاتهامات لمن شاركوا، وان يلاحقونهم بالشتائم، ويبخسوهم شجاعتهم الوطنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق