الأحد، 24 يناير 2016

دارفور وعود ثقاب قديم غير قابل للاستخدام مرة أخرى!

يمكن توصف إقليم دارفور بأنه مثل الثقاب الواحد الذي يتم إشعاله لمرة واحدة، ومن الصعب إعادة استخدامه من جديد لإشعال نيران جديدة. ذلك أن بعض المحالات المتفرقة الجارية حالياً لإشعال (عود الثقاب القديم) سواء تمثل ذلك فى الأحداث المفتعلة فى مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور على خلفية اغتيال أحد الرعاة بواسطة مجهولين، ثم قيام أشخاص بالاجتماع أمام مقر حكومة الولاية، أو تمثُّل فى الأحداث التي كانت قد شهدتها مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور على حين أطلق شخص النار -فى إطار نزاع فردى عادي- على أشخاص فى محكمة نيالا؛ أو تمثل ذلك فى المحاولات التي كشف عنها والي ولاية جنوب دارفور (آدم الفكي) بقيام جهات -لم يسّمها- تقوم بعمليات إعتقال ومحاكمات وسط النازحين وداخل معسكراتهم بغرض ترويعهم والحيلولة دون قبولهم بالعودة الطوعية.
هذه النماذج التي سقناها على سبيل التدليل على أن هنالك بالفعل محاولات -بالتوازي مع مناخ الحوار الوطني والانفراج السياسي المضطرد- لإعادة إستخدام عود الثقاب من جديد. ومصداقاً لما قلنا فإن والى غرب دارفور أكد وعلى نحو قاطع أن حوادث الجنينة جرى إستغلالها سياسياً، ولا شك أن الرجل -من الوجهة المنطقية- محق فيما قال، إذ ليس من المألوف مطلقاً أنه ولمجرد وقوع جريمة قتل جنائية عادية، أن يقع إجتماع ذي طبيعة سياسية ويقود إلى إحراق المؤسسات الحكومية! ما علاقة حكومة الولاية بجريمة قتل عادية ليتم الإجتماع عليها وتوسيع نطاق الإجتماع حتى يسقط قتلى وجرحى؟
من المؤكد أن هنالك من سعى جاهداً لدفع الأحداث باتجاه سياسي ذي ظلال سياسية تعكر صفو المناخ السياسي العام من جهة، وتعيد الاضطراب الأمني إلى الإقليم مجدّداً من جهة أخرى! الأمر نفسه يمكن مقايسته فيما يخص ما يجرى فى معسكرات النازحين، إذ أن الذين يروّعون ساكني هذه المعسكرات لديهم هدف واضح لا لبس فيه، عرقلة تفكيك وإفراغ معسكرات النازحين هذه لتظل باقية حتى لا تندثر وتتلاشى الأزمة فى دارفور ولن نغالي إن قلنا، إن بعض الحركات المسلحة التي رفضت الحوار والتفاوض وتراهن على المجهول وساءها كل السوء أن ترى الحوار الوطني يحقيق نجاحات مثمرة هي التي تعبث أو تحاول العبث بالأمن فى إقليم دارفور, كما ليس من المستبعد -والأمر شواهد مادية واضحة- أن بعض القوى الدولية والاستخبارية تسعى لعرقلة عملية الوفاق الوطني وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها فى السودان عامة وفى دارفور خاصة، وهى بهذا الصدد تخدم أجندة إبقاء البعثة المشتركة المكلّفة بمهمة حفظ السلام فى دارفور (اليوناميد) حتى تعيق سعي السودان لبحث إستراتيجية خروجها.
من الطبيعي أن يحدث ذلك لأن اللعبة القديمة المتجددة الخاصة بدارفور لم تنته بعد، ولمن لا يفضلون نظرية المؤامرة، ولا يصّدقون أن أزمة دارفور فى منتهاها ليست صناعة إعلامية بامتياز، فإن مثل هذه الأحداث كفيلة بلفت إنتباههم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق