الخميس، 9 أغسطس 2018

سلام الجنوب

أكد موقع دى دبليو الأمريكى على ضرورة وقف دولة جنوب السودان دعمها للحركات المسلحة المتمردة ضد الخرطوم، وقال الموقع إن على جوبا إيقاف دعم الحركات المسلحة المتمردة على الخرطوم وإيوائها في منطقتى النيل الأزرق وجبال النوبة بعد أن رعت الخرطوم توقيع اتفاق السلام، وأضافت أن السودان لم ينعم بالسلام بعد توقيعه اتفاقية السلام الشامل التي أدت إلى انفصال الجنوب، وذلك أن جوبا استمرت في دعم وإيواء المتمردين في جبال النوبة والنيل الأزرق لأنهم كانوا جزءًا من الجيش الشعبي لتحرير السودان وأن عليها إيقاف الدعم عنهم في هاتين المنطقتين فوراً، فيما أكد الباحث والمحلل السياسي الأمريكي للموقع دوغلاس جنسون على أهمية توقيع اتفاقية الخرطوم لسلام الفرقاء الجنوبيين للمواطنين والمنطقة، وقال دوغلاس إن التوقيع يمثل أهمية خاصة لدول الجوار والمتمثلة في السودان وأوغندا وكينيا وأثيوبيا والتي أدت للحرب الأهلية إلى إغراقها بملايين من اللاجئين الجنوبيين، وأضاف أن التوقيع يضع على عاتق جوبا طرد المجموعات المسلحة التي كانت جزءًا من الجيش الشعبي المتمرد على الحكومة السودانية عن أراضيها وإيقاف الدعم بكافة أشكاله عنهم وبخاصة في منطقتى النيل الأزرق وجبال النوبة .
مخاوف ومحاذير
وتساءل دوغلاس قائلاً إن دولة جنوب السودان حصلت على اتفاقية السلام، إلا أن السؤال الذي لا زال باقياً هل ستصمد؟ ومضى بالقول إن صمود الاتفاقية يعتمد على العديد من العوامل، في وقت خرقت فيه الأطراف المتصارعة والتي وقعت على الاتفاقية العديد من اتفاقيات وقف العدائيات التي وقعت سابقًا.
ويرى دوغلاس أن أكبر التحديات التي تواجه الاتفاقية إنفاذها على أرض الواقع وتحديد من سيقوم بمراقبة وضمان التنفيذ. ويحلل دوغلاس الاتفاقية للموقع قائلاً علينا أن ننتظر ونرى في طيات الاتفاق وجزء من المشكلة، بطبيعة الحال هو أنه اتفاق تقاسم السلطة، وليس في الحقيقة معالجة القضايا السياسية والدستورية الأساسية في جنوب السودان. لديك الآن خمسة نواب للرئيس، لديك تجمع موسع، لديك محاولات لمنح الأشخاص مناصب عليا في الولايات لم يتم التطرق لقضية السلطات الدستورية برمتها بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات. إذ أتاحت هذه الاتفاقية لجنوب السودان بعض الوقت لإجراء مشاورات دستورية كاملة ومناسبة تؤدي إلى اتفاق سلام مستقر، فلا بأس. لكن الآن أعتقد أن هناك بعض الأسئلة الحقيقية حول ما إذا كانت هذه الصيغة ستنجح أم لا.
أولويات أمنية
ويرى دوغلاس أن هناك أولويات أمنية بالإضافة إلى الأولويات السياسية، قائلاً الآن هناك انتشار الجماعات المسلحة في جميع أنحاء جنوب السودان. لديك في الجيش الشعبي لتحرير السودان نفسه - الجيش الوطني – مليشيات خارجة عن القانون و سيئة التدريب، وقد شاركت في بعض أسوأ الأعمال الوحشية في الحرب. لابد من فعل شيء حيالها. وقد يكون حلها أحد الأشياء التي يمكن أن تعطي الناس شعوراً بأن الأمن قد تتم إعادة تأسيسه. لكن الكثير من المجموعات الأخرى ليست جماعات عسكرية منظمة. إنهم مدنيون مسلحون. وقد تم تمثيل بعضهم في اتفاقية السلام هذه. لكننا لا نعرف ما إذا كان الأشخاص الذين وقعوا نيابة عن الجماعات المسلحة يمثلونهم بالفعل. وطالما أن الجماعات المسلحة موجودة كوحدات مستقلة تم إعدادها للدفاع عن نفسها أو لجريمة ضد جيرانها، فإننا لا نعرف تماماً كيف ستتم إعادة الأمن وما إذا كان ذلك يتم عبر دمج كل هذه الجماعات المسلحة في جيش وطني وإذا تم ذلك سيكون الجيش الوطني ضعيف التدريب وسيىء الانضباط وكبير للغاية .
نهج مضلل
وانتقد الموقع تقسيم دولة الجنوب إلى 32 ولاية نافياً أن تكون وصفة لحكم فيدرالي، وقال: مقترحات الحكومة والمعارضة بقيادة مشار الرامية لتقسيم البلاد إلى ولايات أصغر ليس هو النهج الصحيح لنظام فيدرالي، لأنه يترك سلطة الحكومة المركزية العليا في إنشاء الولايات، دون فحص حقيقي لصلاحية كل منها لأن تصبح ولاية مستقلة. وليس أدل على ذلك من إعلان وزير في إحدى الولايات التي أنشئت حديثًا أنه ليس لديه مكتب، وأنه يتخذ ظل الأشجار مكتباً له كما إن إنشاء الولايات وتعيين الأشخاص في مناصب لا يحل في الواقع القضايا الإدارية والسياسية. وعليه يجب أن يأتي الحل خلال إجراء مجموعة من المشاورات بعيدة المدى، يتمخض عنها دستور لحكم البلاد.
رقابة دولية
وطالبت صحيفة الواشنطن بوست قادة المنطقة والقادة الدوليين برعاية اتفاقية السلام ومراقبة القادة الجنوبيين لتحفيزهم على إنفاذها، وقالت في تقرير بعنوان هل يمكن أن يتعاون قادة الجنوب المتقاتلين من أجل السلام، قالت: بالرغم من التاريخ الدامي لدولة جنوب السودان منذ انفصالها في العام 2011 مما أدى إلى تشريد أكثر من مليونين ونصف المليون مواطن وترك أكثر من خمسة ملايين شخص عرضة للمجاعة، وقع كل من الرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضة الدكتور رياك مشار اتفاق جديد للسلام بالخرطوم وبالرغم من التشاؤم الذي صاحب كل اتفاق سلام تم توقيعه وخرقة قبل أن يجف المداد الذي كتب به إلا أن على القائدين والقادة الإقليميين والدوليين بذل كل ما هو ممكن من أجل إنجاح هذا الاتفاق بوصفه الفرصة الإخيرة للسلام بدولة جنوب السودان .
وأضافت كان الدكتور مشار نائباً للرئيس سلفاكير عندما أندلعت الحرب الأهلية لأول مرة في عام 2013. وقد توصلوا إلى اتفاق سلام في عام 2015 سرعان ما أنها بسبب تجدد القتال في العام التالي. وغالبًا ما كانت اتفاقيات وقف إطلاق النار تذوب في غضون ساعات من توقيعها وفر مشار من البلاد إلى جنوب إفريقيا بعد انهيار الاتفاق الأخير في نوبة من العنف في عام 2016. في 13 يوليو الماضي فرض مجلس الأمن الدولي حظراً على الأسلحة، وهو خطوة ضرورية لتقييد الأطراف المتحاربة، رغم أنه كان من الأفضل لو أنها نفذت قبل بضع سنوات وبالرغم من سجلهم البائس فإن عدم التزامهم بالسلام سيعمق معاناة المواطنين.
سيناريوهات مكررة
وترى الصحيفة أن الاتفاقية تبدو ضعيفة حال لم تتم رعايتها إقليمياً ودولياً، وقالت إن الاتفاقية قامت على أن يبقى الرئيس سلفا كير في السلطة ويبدو أنه قام ببساطة بتقطيع حكومة جنوب السودان إلى قطع صغيرة لتهدئة منافسه مشار، إذ تخلق الاتفاقية فترة انتقالية سيصبح خلالها السيد مشار مرة أخرى النائب الأول للرئيس. وستضم الحكومة 20 وزيراً من مجموعة سلفا كير، وتسعة من مجموعة مشار، وستة من مجموعات أخرى؛ وسيتم توسيع البرلمان من 400 مقعد إلى 550، بما في ذلك 338 من مجموعة سلفا كير و128 من مجموعة مشار والباقي من االمجموعات الأخرى. وتقول الوثيقة إن اتخاذ القرار في الرئاسة يجب أن يكون "بروح التعاون الجماعي" إلا أنه يصعب تخيل ذلك بعد أن أريقت الكثير من الدماء .
ويقول المحلل آلان بوسويل إنه في مرتين وفي العامين 2013 وعام 2016 ، "طرد سلفاكير بعنف مشار عندما كان يتنافس معه على السلطة. أدى الحدثان إلى فظائع واسعة النطاق. وعليه اتفاق السلام الجديد قد يواجه السيناريو نفسه.
وأضافت الصحيفة قائلة: لعبت الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في استقلال جنوب السودان ولكنها تراقب الآن من بعيد. وحذرت من أنها لن تضمن أي اتفاق، ولن تدعم تمويل الأمم المتحدة لحكومة انتقالية، "في غياب التزام دائم ومستمر إلى السلام والشمولية والمحاسبة المالية والحكم الصالح، وختمت قائلة: من أجل شعب جنوب السودان البالغ عدده 12 مليون نسمة، نأمل أن يظهروا مثل هذا الالتزام الآن.
ترحيب أممى
ورحب أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بتوقيع أطراف الصراع في جنوب السودان، اتفاق القضايا العالقة الخاصة بالحكم وتقاسم المسؤوليات، واصفًا هذا الاتفاق بأنه خطوة مهمة على مسار إحياء اتفاق حل الصراع .وأشاد غوتيريش بقيادة المنتدى رفيع المستوى التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية إيغاد وبجهود السودان، للتوسط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية جامعة للصراع في جنوب السودان .وأشار إلى الاتفاقات السابقة الموقعة بين الأطراف، وحثها على العمل بحسن نية وإبداء التزامها تجاه التطبيق الكامل للاتفاق في أقرب وقت ممكن.وأكد غوتيريش التزام الأمم المتحدة المستمر، من خلال التعاون عن كثب مع الإيغاد والاتحاد الأفريقي، بدعم التوصل إلى اتفاق سلام جامع وعادل ودائم من أجل شعب جنوب السودان.
ورحبت وزارة الخارجية التركية، بتوقيع الفرقاء في جنوب السودان على الاتفاق النهائي لاقتسام السلطة والترتيبات الأمنية. وأوضحت الخارجية التركية في بيان، أنّ تطبيق الاتفاقية بشكل ناجح "سيعود بالنفع على شعب جنوب السودان الصديق ". وأضاف البيان أن "تطبيق الاتفاقية سيخدم أيضاً السلام والاستقرار في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق