الثلاثاء، 14 أغسطس 2018

أثر اتفاق الفصائل الجنوبية في الخرطوم على الحركة الشعبية قطاع الشمال!

من المؤكد ان نجاح السودان في وقف الصراع الجنوبي و نيله ثقة الفرقاء الجنوبيين والاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي سوف يلقي بظلال سياسية سالبة على الحركة الشعبية - قطاع الشمال ستزيدها ضعفاً على ضعفها في اي مفاوضات محتملة بينها وبين الحكومة السودانية.
وقبل أن نتمعن في هذه الظلال السالبة الشديدة الأثر حتى على مستقبل الحركة، فإن من المهم ان نشير إلى نقطة جوهرية ظللنا في فترات سابقة نشير إليها ولكن كانت الحركة الشعبية بلا مبالاة غريبة تستهين بها ولا تلقِ لها بالاً. هذه النقطة هي ان الحركة الشعبية قطاع الشمال وضعت كل بيضها السياسي في السلة الأجنبية.
أمر مؤسف ان تستند حركة مسلحة سودانية إلى إنتمائها التنظيمي والسياسي، وحتى العسكري بتراتيبيته المعروفة إلى حركة أجنبية. هذا الوضع لم تفكر الحركة الشعبية قطاع الشمال في معالجته كانت ولا زالت تتبع تنظيمياً –او هكذا تدعي– للحركة الشعبية الجنوبية في جوبا!
صحيح هنا أن جوبا ربما كانت تتحرج من هذا الوضع فهو يضيف عليها عبئا سياسياً ثقيلاً، وصحيح أيضاً ان جوبا حين دارت الحرب الطاحنة بين فرقائها استشعرت حرجاً بشدة لأنه وبدلاً من ان تشغل الخرطوم بحروب، غطست هي نفسها في محيط هادر من الحروب الطاحنة ولم تستفد شيئاً من وجود قطاع الشمال في الشمال، و لم يستطع القطاع ان يقدم لها معاونة او دعم، فقد كان هو نفسه مشغولاً للغاية، خائف يترقب ألا يضطر لخوض حرب خاسرة مع قوات الدعم السريع.
هذا كله صحيح ولكن قطاع الشمال لم يسع قط (للاستقلال) عن جوبا وفك الارتباط عنها بحيث يدير شأنه مع الخرطوم من منطلق سوداني. هذا الخطأ الاستراتيجي القاتل هو الذي يتعين على القطاع ان يدفع أبهظ ثمن له في ظرف صعب وقاسي للغاية. أما اذا أردنا تعداد الظلال السياسية التى ألقاها نجاح السودان في حلحلة النزاع الجنوبي الجنوبي فهي تتمثل في:
أولا: انتزاع قدرة جوبا –مهما كانت الظروف– في اللعب والمناورة باستخدام الحركة الشعبية قطاع الشمال. جوبا ألان وعلاوة على انشغالها الضخم بما وقعت عليه مع الفرقاء الجنوبيين وحاجتها الماسة لإدارة هذا الاتفاق، فهي لن تجد الوقت الكافي والمساحة المعقولة لكي تحرك ذيلها!
لقد نجحت الخرطوم في واقع الأمر في إعطاء جوبا الشعور الحقيقي بالأمن  السلام وما كانت جوبا تعرف مذاقه من قبل، لهذا فان من الصعب تماماً بعدما تنفست الصعداء ان تغامر بدعم عمل مسلح ضد الخرطوم، ولعل اسطع دليل مادي من الممكن أن نحاجج به هنا ان الرئيس كير غمرته حماسة الاتفاق لتقديم عرض جنوبي لحل قضية الحركة الشعبية شمال مع السودان.
الرئيس كير حين قدم عرضه كان يقرّ بأن السلام غالب ومطلوب. ثانياً، الفصائل الجنوبية المسلحة التى وقعت على الاتفاق هي الأخرى سوف تكون في حالة تواصل وتشاور مع الخرطوم فجسورها مع الخرطوم باتت أقوى، ونظرتها إلى جوبا ستكون من منطلق الحرص على ترسيخ العملية السلمية. هذه الفصائل لن تبدي أي تعاطف مع الحركة الشعبية قطاع الشمال طالما أن بإمكانها الجلوس للتفاوض.
ثالثاً، الاتحاد الإفريقي ودول الإيقاد والمجتمع الدولي الذي ينظر اليه السودان بعين الإعجاب لن يتساهل مع الحركة الشعبية قطاع الشمال فالعملية السلمية في المنطقة تتكامل ولا تتجزأ والمجهود الذي بذلت الخرطوم في بضع ليالي- لإنهاء الصراع الجنوبي تستحق عليه جائزة لإحلال السلام فيها هي نفسها, لهذا فان المجتمع الإقليمي والدولي أدرك الآن -أكثر من ذي قبل- ان السودان بلد سلام، وهذا يمزق مشاعر الحركة الشعبية تمزيقاً مؤلماً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق