الخميس، 16 أغسطس 2018

من أهم إيجابيات مكافحة الفساد في السودان!

لا يمكن لأحد مهما كانت مكابراً أن ينكر الأثر الإيجابي الباقي الذي خلفه قرار الحكومة السودانية بمكافحة الفساد، ففي أول ايجابيات هذا القرار انه أكد على سيادة القانون، هذا المبدأ القانوني الشديد الأهمية و الذي يجعل من القانون ونصوصه الجسر الذي تمر عليه حقائق الواقع في الدولة.
الآن تجد في السودان وحدة متخصصة تعنى بملاحقة أي رائحة فساد أنّى كانت تحقق بها ، وربما لا يدري عامة الناس، بل حتى الذين يعملون في مجال الاعلام ان هذه الوحدة تفتح العديد من الملفات و تستجوب عدداً من المسئولين بصفة روتينية راتبة، وتتوصل لنتائج وقرارات دون ضجة، ودون تشهير غير مطلوب.
ومن أهم عناصر نجاح وحدة مكافحة الفساد وجود عناصر متخصصة سواء في المراجعة المالية او في قراءة وتصنيف المستندات ووجود عناصر عدلية و قضائية بإمكانها اعطاء وزن قانوني معتدل لأي شبهة او واقعة دون إحداث أي جلبة.
اما ثاني الايجابيات والتى ظهر أثرها واضحاً، ان الرغبة في ارتكاب جرائم الفساد قد تراجعت وأصبح من العسير على من تحدثه نفسه التلاعب بالمال او استخدم النفوذ او الاعتداء على مال عام ان يستجيب. هذا حقق ما يطلق عليه علماء علم الجريمة و العقاب و المختصين في السياسة العقابية بـ(الردع العام) ، اذ انه وبمجرد ان انطلقت حملة مكافحة الفساد وتكونت وحدة متخصصة أعطت الجمهور رقاماً هاتفياً ساخناً بإمكانه الابلاغ عن أي واقعة فان الردع العام قد تحقق.
ولم يعد من السهل الولوغ في هذا الجرم لان الوحدة بالمرصاد. ومن المؤكد ان الذي يؤيد هذه الحقيقة عملياً احصائيات الشرطة وسجلات البلاغات، كما ان من المتوقع بعد انقضاء العام الحالي أن يظهر جليا في تقرير المراجع العام والتقرير الجنائي السنوي للشرطة.
ثالث الايجابيات ان العاملين في وحدة مكافحة الفساد وفى النيابة العامة و القضاء اكتسبوا خبرة خاصة، ففي السابق كانت قضايا الاعتداء على المال العام وكيفية اثبات التهمة وكيفية استخلاص ذلك من تقارير المراجعة و كشف التلاعب كان يستغرق وقتاً طويلاً ومجهوداً اكبر سواء لقلة الكوادر المتختصصة او الأمور المتعلقة بطبيعة وقائع الجريمة.
صحيح ان المحاكم و النيابات في السودان ظلت تحقق في جرائم الاعتداء على المال العام و تدين و تبرئ منذ عشرات السنين. هذا صحيح، ولكن حينما تخصصت هذه النيابات و المحاكم و اجهزة التحقيق وجمع البيانات فان الوقت الذي تستغرقه اصبح اقل بكثير و المجهود المبذول لم يعد كما كان في السابق.
 هذا من شأنه ان يعين الدولة في المستقبل القريب على اكتشاف الفساد و القضاء عليه قبل ان يصبح جريمة او ظاهرة، وفوق كل ذلك فان السودان في الواقع بات يقترب من معايير منظمة الشفافية ويحوز احترامها وهو تحول بنيوي لا يمكن التقليل من شأنه بحال من الأحوال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق