الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

يعارضون ترشيح البشير ولا يأنسون في أنفسهم الكفاءة!

من الغريب جداً أن تبدي القوى السياسية المعارضة في السودان معارضتها لقرار ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية مقبلة، وفق القرار الذى اتخذه مجلس شورى الحزب الوطني الذي ينتمي اليه البشير في دورة انعقاده السادسة قبيل ايام.
ذلك ان قرار مجلس الشوري بالوطني من الناحية السياسية والقانونية – قرار يخض حزب المؤتمر الوطني يكفل لهه القانون و يتسق مع تقديرات الحزب ونظرته إلى الجوانب المختلفة للامر، باعتبار ان مجلس الشوري كما هو معروف هو الجهاز التشريعي و الرقابي للحزب.
إذ ليس من حق غير المنتمي للحزب أو إذا شئنا الدقة ليس من حق خصوم الحزب معارضة قرارات الحزب على هذا النحو الذي يصل إلى ما هو ابعد و أعمق من التدخل في الشأن الداخلي للحزب.
و الأكثر غرابة ان الذين عارضوا و انتقدوا هذا القرار –وهذه من عجائب السياسة في السودان – هم المنادين بالديمقراطية و إطلاق الحريات . هم يطالبون بديمقراطية ويرفضون ديمقراطية الاحزاب الاخري في إتخاذ ما تراه من قرارات.
هذه المعضلة السياسية ينبغي على القوى السياسية ان تقف عندها. ربما يقول قائل ان الأمر لا يعدو كونه إشفاقاً من هؤلاء المعارضين من ان يتم تعديل الدستور الانتقالي 2005 ليتيح للبشير الترشح لدورة رئاسية اخرى، و ان هذا سوف يفرغ الدستور من محتواه، ولكن نسي هؤلاء ان الدستور الانتقالي هو دستور له اكثر من 12 عاماً ينتظر إبداله بدستور دائم.
كل القوى السياسية المعارضة التى شاركت في وضع الدستور بفاعلية تقاعست عن القيام بدورها السياسي -طيلة الاثني عشر عاماً الماضية- لكي تتم كتابة دستور دائم! بل حتى هذه اللحظة ما تزال ذات هذه القوى تعارض بإصرار و عناد شديدين كتابة دستور دائم و جديد بحجة ان الأوضاع والمشاكل التى يعاني منها السودان حالياً لا تتيح هذا الترف السياسي!
إذن كيف تتقاعس عن أداء دورك و ترفض الواقع القائم و تمنع الآخرين من تغيير الواقع؟ لو ان هذه القوى السياسية المعارضة بذلت جهوداً مخلصة للتغيير عبر إنشاء دستور جديد يستند إلى مشروع الحوار الوطني و عبر عمل سياسي في حدود الممكن للعبور من هذه المرحلة لمرحلة أخرى، لما كانت في محطة رفض إعادة ترشيح البشير.
القوى السياسية المعارضة وبدلا من ان تقدم مرشحين أقوياء منافسين، وقفت في محلها رافضة لقرار يخص حزب حاكم! أن العمل السياسي الحقيقي كان يتطلب ان توظف هذه القوى قوتها – ان وجدت – في منازلة مرشح الوطني بصرف النظر عن من يكون، إذ ليس من حقك كلاعب ان تختار للفريق المنافس لاعبيه، كلما ليس من حقك – وأنت تدعي ان لديك برنامج سياسي وقواعد شعبية؛ ان تشوش على خصومك وتشغل الناس بما يقررونه في حين انك أنت نفسك لم تقرر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق