الخميس، 16 أغسطس 2018

أسرار وخفايا التجديد للبشير.. القصة الكاملة لتنصيب الرئيس

تحصلت "الصيحة" من مصادر مختلفة على معلومات جديدة حول التجديد للسيد رئيس الحمهورية واعتماده مرشحاً رئاسياً، وطبقاً للأستاذ رحاب طه أن الشيخ علي عثمان النائب الأول السابق هو أول من ابتدر النقاش حول الأمر في عدد من الدوائر الخاصة والمؤثرة، وقد عقد اجتماعات واسعة في هذا الصدد وكانت تبريرات شيخ علي حسب مصدر آخر ـ فضل حجب اسمه ـ ما دام الرئيس يرغب في مواصلة المشوار فعلى التنظيم تسهيل ذلك الأمر، لأن تبعات الرفض قد تقود البلاد لفتنة يدفع ثمنها التنظيم السياسي خاصة في ظل المعادلات التي تؤكد رجحان كفة الرئيس من ناحية سياسية وعسكرية.
ولم يستبعد ذات المصدر أن يكون علي عثمان استهدف بتلك الخطوة قطع الطريق أمام غريمه نافع علي نافع .. اعتمدت خطة شيخ علي عثمان والتي وجدت مؤازرة من الدكتور عوَض الجاز شد البلاد من الأطراف عبر جلب التأييد من مجالس شورى الولايات، وقد استخدم هذا التكتيك الشيخ حسن الترابي عقب المفاصلة، وقد ابتدر حملة التأييد في الولايات بشكل منتظم الوالي محمد طاهر إيلا في الجزيرة، وآدم الفكي في جنوب دارفور، وآدم جماع في كسلا وبالطبع عبد الرحيم حسين في الخرطوم.. رغم أن منبع الفكرة خرج من دارفور إبان زيارة رئيس الجمهورية للإقليم في وقت سابق.. ويلاحظ ارتفاع سقوف التأييد في الولايات التي زارها الرئيس باستثناء الولاية الشمالية والتي بذل فيها الفريق صلاح قوش جهوداً استثنائية حسب شاهد عيان أثمرت عن وثيقة تأييد رفعها مدير شركة سوداني المهندس طارق حمزة نيابة عن أعيان مروي.
الحزب الحاكم يتلكأ
لكن خطة علي عثمان لم تمضِ بشكل سلس بسبب عدم حماس الأمانة العامة للحزب الحاكم والتي كان يتولاها إبراهيم محمود والذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب في ذاك الوقت، وهو من المقربين لجناح نافع علي نافع.. لكن لاحقاً وحسب مصدر في الحزب الحاكم. لم يصرح بكشف هويته تمكن علي عثمان من اختراق هذه المجموعة عبر استمالة الدكتور فيصل حسن إبراهيم والذي كان يشغل أمانة الاتصال التنظيمي وتم إعفاؤه من منصبه الحزبي بسبب تلك الاتصالات الخارجة على المؤسسية التنظيمية، وهو ما يفسر لاحقًا اختياره في منصب نائب رئيس الحزب الحاكم.
الرئيس يخسر المعركة الأولى
حاول الجناح المؤيد للتجديد حسم الأمر في جولة الانعقاد الخامسة لمجلس الشورى، إلا أن المحاولة فشلت بعد أن تحفظ على الطرح عدد من رموز الحركة الإسلامية بمن فيهم الشيخ الزبير أحمد الحسن والدكتور عصام البشير، والبروفيسور الأمين دفع الله، والدكتور أمين حسن عمر.. غض معسكر التأييد الطرف عن هذه المعاكسة وأعاد جرد الحساب فوجد أن النجاح يحتاج لعملية جراحية واسعة وخارجة عن التوقعات بدأت تلك العملية بتغييرات واسعة في الحزب والجهاز التنفيذي دفعت بقوش إلى الجبهة الأمامية وتم إبعاد عدد من حكام الولايات غير المتحمسين للخطوة مثل علي العوض في الشمالية وعبد الواحد يوسف في شمال دارفور وعلي حامد في البحر الأحمر، وكان الهدف من كل ذلك إضعاف تيار المعارضة وإرسال رسالة إلى المترددين أن الحسم سيشملهم إن لم يلحقوا بسفينة التجديد.
سيناريو زمبابوي
التيار المتحفظ على التجديد للرئيس لم يكن متماسكاً في أطروحته الفكرية، كما كان مخترقاً، وكان سقف هذا الجناح يصل مرحلة رفض أي تعديلات في لوائح الحزب أو دستور الدولة حتى وإن وصل الأمر لسيناريو زمبابوي، وذاك سيناريو يستبعده محمد الحسن الأمين بحجة أن الرئيس يتمتع بشعبية كاسحة .. من الصعوبات التي واجهت هذا السيناريو هو التزام الفريق بكري حسن صالح الصمت في مسألة التجديد، وقد تبين لاحقاً أن رئيس الوزراء لم يكن خلف البشير بل أمامه في معركة التجديد.. كما أن وصول الفريق قوش لرئاسة جهاز الأمن الوطني بدّد أي آمال لهذه المجموعة والتي ضمت قيادات بارزة في الحزب والبرلمان والحركة الإسلامية ومجموعة صغيرة من ولاة الولايات .
جيوب مقاومة جديدة في الخرطوم
في مايو الماضي رأت مجموعة التجديد الانتقال للمركز فأوعزت للدكتور عبد الرحمن الخضر ابتدار النقاش في القطاع السياسي، حيث تم إعداد دراسة كاملة .. لكن الخضر والذي يشغل منصب رئيس القطاع السياسي تردد كثيرًا مخافة أن يجد معارضة.. لكن اقتراح من عبد السخي عباس أجبر القطاع السياسي على مناقشة الفكرة.. هنا برزت جيوب مقاومة شرسة حتى إن البعض غادر الاجتماع قبل حسم الأمر.. انتهت التقديرات بعد ثلاث ساعات من النقاش العاصف بتشكيل لجنة لصياغة مقترح يدفع به للمكتب القيادي..عدد من أعضاء اللجنة قاطع الاجتماعات .. كما واجه مقترح القطاع السياسي تحفظاً من الرئيس البشير شخصياً بحجة أن المكتب القيادي ليس صاحب الاختصاص، ويبدو أن الرئيس البشير كان مستوعبًا جيدًا لخارطة المكتب القيادي المكون أغلبه من قيادات مركزية، فيما عمق التأييد يأتي من الأمصار.
هرون يحسم الجولة
انتهى مقترح التجديد في المجلس القيادي المكون من ولاة الولايات ونوابهم إضافة لأعضاء المكتب القيادي.. هنا حدثت مفاجآت ومقاومة عنيفة للفكرة.. من المفاجآت أن والي شمال كردفان والذي كان من المتحفظين على فكرة التجديد خاصة عند عرضها في مجلس شورى ولايته غيّر موقفه.. أحمد هرون قدم مقترح التجديد للرئيس بل قاد مواجهة علنية ضد الدكتور نافع علي نافع حتى إن الأخير اضطر لمغادرة محطة الصمت والدفاع عن آرائه بشكل واضح في اجتماع ترأسه حامد ممتاز رئيس قطاع التنظيم.. في نهاية اجتماع المجلس القيادي فشل المجتمعون في تقديم أربعة أسماء لترافق الرئيس لاجتماعات مجلس الشورى حسب لائحة الانتخابات المجازة من أجهزة الحزب.. هنا يبدو أن التيار الممانع استسلم ورفع الراية البيضاء على الأقل في هذه المرحلة .
في انتظار الشورى
قبيل انعقاد الشورى في يوم الخميس الماضي، حدثت حالة استقطاب واسعة وسط وفود الولايات من معسكر التجديد، حيث تم عقد اجتماعات جماعية وأُخرى فردية تحدث فيها الدكتور فيصل حسن إبراهيم كما أسهم فيها علي عثمان بجهد وافر فيما توارى التيار المعارض .. في يوم الشورى كان تيار التجديد يخشى من مفاجآت اللحظات الأخيرة لهذا تم تسريب أن الشورى ستحسم مسألة التجديد رغم الأعراف التنظيمية تترك تسمية المرشح الرئاسي للاجتماع الأخير للشورى والمقرر له الربع الأول من عام ٢٠١٩.. لكن تيار التجديد أصر على حسم الأمر مبكراً، فتم فتح التداول على الموضوع، إلا أن المفاجأة أن الأصوات التي عارضت التجديد التزمت الصمت فتم إعلان تغيير المادة ٣٦ التي تمنع أن يشغل عضو المؤتمر الوطني أكثر من دورتين ومنح مجلس الشورى حق الاستثناء.. وحسب مصدر قانوني أن التعديل يعني فتح الباب للرئيس أن يترشح أكثر من مرة.
أرض النزال الجديدة
رغم أن الرئيس قطع ثلثي المشوار للقصر الرئاسي، إلا أن هنالك معركة أخيرة في البرلمان.. معسكر التجديد سيعتمد ـ حسب الأستاذ محمد الحسن الأمين ـ على أحزاب الحوار الوطني وأغلبيته والتي تم إنشاء كيان لها .. هنا سيتم حصار المؤتمر الشعبي عبر ممثليه في الحكومة وعلى رأسهم الشيخ إبراهيم السنوسي، وفي ذات الوقت بذل بعض الإغراءات بتخصيص مقاعد أكبر في برلمان ٢٠٢٠.. الخطوة هذه تستهدف تعديل مخرجات الحوار الوطني عبر عقد جمعية عمومية توافق على قيام دستور جديد أو في أقل تقدير تغيير المادة التي تحدد الدورات الرئاسية في دورتين.. وحسب مصدر برلماني أن هذه المرحلة ربما تقتضي إبعاد رئيس البرلمان بسبب حدته وبطئه الشديد، وربما تعاطفه مع التيار الآخر، وربما يحل مكانه الأستاذ محمد الحسن الأمين بسبب حماسه للتعديل الدستوري وخلفيته القانونية وعلاقته السابقة بالمؤتمر الشعبي، إلا أن الحسن نفى في حديثه للصيحة صحة هذه التسريبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق