الثلاثاء، 14 أغسطس 2018

الوجه الآخر لقضية إحلال السلام في دولة جنوب السودان!

طالما نجح السودان في إنهاء الصراع الدموي الجنوبية الجنوبي ونال استحسان الفرقاء المتصارعين، و دول الجوار و الاتحاد الإفريقي و منظمة الإيقاد و الأمم المتحدة و المجتمع الدولي؛ فان من المهم هنا ألا يترك الأمر كله في هذه النقطة وحدها ، فقد إمتلك السودان بحكم الجغرافيا والصلات القديمة وتاريخ هذا البلد الطويل في حلحلة مشاكل صراعات القارة، عناصر هذا النجاح وكان من المحتم ان يحقق هذه النتيجة المشرفة، ولكن الاكثر أهمية من ذلك ذلك أن يعيد المجتمع الدولي بموضوعية ووضوح قراءة المعطيات الماثلة في المنطقة بحيث يتم ترتيب الاوضاع على نحو مختلف.
أولاً، النزاعات الحالية الجارية في المنطقة لا تقوم على أساس. هذه حقيقة, وإن بدت صادمة وغير محببة للبعض فالفرقاء الجنوبيين تقاتلوا على (لا شيء) و أوقفوا نهضة بلادهم الحديثة الولادة بدون مبرر موضوعي مع أنهم كانوا الأجدر بالاتعاظ بتجربة الحرب الطويلة التي قادوها ضد الخرطوم منذ العام 1955م.
الآن اذا أمعنت في التساؤل حول طبيعة نقطة النزاع التى أدت لهذا الاحتراب الدامي المؤلم لما يجاوز الـ6 سنوات لن تجد ابداً نقطة نزاع وحدة. محض تطلعات ورغبات خاصة و أمنية سياسية أحدثت كل ذلك الركام وذلك الحريق الكبير، ولهذا فان الرئيس البشير في كلمته الضافية عشية احتفال التوقيع أكد على ان المناصب مهما كانت هي ارخص من الدماء التى تسيل!
الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة معنيان بأن يعيدا قراءة هذا الوضع بحيث تكون هناك آلية حاضرة تمنع نشوء الحركات المسلحة ووقوع المواجهات الفارغة المحتوى . هذا يقتضي بالضرورة إعادة قراءة أحوال الحركات السودانية المسلحة والتى لفرط فراغ محتواها تحولت إلى مرتزقة بدول الجوار ينهبون الطرقات ويروعون الآمنين ، يعرقلون البناء.
الحركات الجنوبية المسلحة كانت على وشك ان تؤول لهذا المصير لولا حكمة الحكومة السودانية و سرعة تداركها للأمور. إذ أن الأمر ليس محض صراع أهلي، الأمر يتطلب كبح جماح هذا العمل المسلح الفارغ المحتوى المؤذي للأمن القومي الإقليمي والأمن والسلم الدوليين.
ثانياً، آن الأوان لإقرار الاتحاد الإفريقي عبر مجلس سلمه بأن حمل السلاح ضد الحكومة أمر غير مشروع ويجر على صاحبه عواقب وخيمة! الأمن هنا ليس المقصود به وجهة نظر سياسية بقدر ما ان المقصود هو القضاء نهائياً على غول العمل المسلح الذي أقعد دول القارة طويلاً.
الآن اذا نظرنا هنا في كل أنحاء الكرة الأرضية لن نجد وجوداً مؤثراً لعمل مسلح الا في القارة الإفريقية وهو الذي بات يجلب الأمراض ويعيق التنمية و النهضة ويعيق تقدم دول القارة.
ثالثاً، من المهم ان تعاد دراسة قضايا اللجوء و النزوح فى القارة الافريقية، فهي علاوة على تكلفتها المادية الباهظة، والتى يدفع ثمنها المجتمع الدولي بأسره، تسهم في خلق أجيال غاضبة، و تؤجج مشاعر القتل والانتقام و الأكثر سوءاً انها تخلق أنشطة تجارة البشرة و الهجرة غير الشرعية التى يعاني العالم منها.
إن تجربة إحلال السلام في دولة جنوب السودان التى أنجزتها الخرطوم ينبغي ان تكون بمثابة نقطة تاريخية مفصلية يعاد معها النظر في قضايا الصراع الأهلي واستخدام السلاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق