الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

“حالة انتظار”

يقول الناطق الرسمي السابق لملف السلام في الحركة الشعبية، مبارك أردول، وأحد المقربين من أمينها العام السابق، ياسر عرمان، وهو يتحدث بلسان جناح (مالك عقار)، تعليقاً على ما يجري الآن في كاودا بجنوب كردفان:
“يستخدمون حالياً آليات البناء من أجل التفكيك، فالتغيير الحقيقي سيتم بالانطلاق من أرضية التوافق وليس تعميق النزاع والإمعان في التقسيم”. أردول يستبق مخرجات المؤتمر العام للحركة والذي من المؤمل أن (يشرعن) رئاسة عبد العزيز الحلو للحركة الشعبية (قطاع الشمال)، الذي يمسك بمقود القيادة الآن عقب قرارات الإطاحة بمالك عقار وياسر عرمان في وقت سابق.
بحسب ما هو معلن، كان يجب أن ينطلق مؤتمر الحركة الشعبية الاستثنائي صباح الجمعة، المؤتمر الذي صعد إلى السطح عقب تصريحات لبعض منسوبي المعارضة بعدم منحهم تأشيرات دخول من قبل حكومة الجنوب للمشاركة فيه، بعد تلقيهم الدعوة من تيار (الحلو)، لم ينطلق المؤتمر الأول للحركة الشعبية (قطاع الشمال) عقب قول قياداتها بفك ارتباطهم بالحركة الأم التي مضت لحكم الجنوب بعد انفصاله في توقيته المعلن، حيث نقلت مصادر من داخل مكان انعقاد المؤتمر، عن وجود خلافات عميقة بين المشاركين فيه، تم ردها إلى حالة من عدم الرضاء من قبل بعض المجموعات حول نسب المشاركة في المؤتمر العام، حيث قال المعترضون من قطاع النيل الأزرق إنها لم تراعِ لثقل القوة والمجموعات، وإنهم لن يشاركوا في المؤتمر الاستثنائي وفقاً لهذا الأمر.
وكشفت الأخبار عن حالة من الارتباك والتوتر سادت بين أعضاء لجان المؤتمر، بعد رفض واعتراض ممثلي إقليم النيل الأزرق وعدد من المناطق في ولاية جنوب كردفان، على عدد المقاعد الممنوحة لهم، مقارنة بمناطق أخرى، ما يمكن قراءته هنا، أن التوجهات المتعلقة بالجهة تعيد الأمور لذات نصاب الخلاف الأول، في ذات الوقت الذي تعيد فيه السؤال حول: إلى أين يمضي مشروع السودان الجديد؟
في وقت سابق، كان عبد العزيز الحلو يعلن استعداده لخوض غمار التفاوض مع الحكومة من أجل الوصول إلى تسوية سياسية، ولتحقيق ذلك الغرض فإن الرجل أعلن عن إيقاف إطلاق النار في المناطق التي يسيطر عليها، لكن ما يخيف البعض في حالة الحلو، هو تلويح الأخير بورقة حق تقرير المصير، ما يعني استنساخ جنوب آخر في ما تبقى من السودان القديم. في هذا السياق فإن اللعب مع عرمان يبدو أفضل لكن الأخير، وبحسب مجريات التاريخ، فإنه يجيد معادلة (البولتيكا) والتطويل في المفاوضات، كما حدث في الجولات السابقة، التي انتهت إلى اللا شيء، في ما يتعلق بتحقيق السلام في السودان.
ويقلل الكثيرون من خيار الاستفادة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ما لم ترافقه قرارات أخرى تتعلق بمعالجة المشكلات الداخلية، وعلى رأسها أزمة الحروب المشتعلة، باعتبار أن إيقافها هو واحد من المطلوبات الأمريكية وأمل بالنسبة للسودانيين، وهو ما يجعل من إمكانية تحقيقه في المستقبل القريب متاحاً وبشكل كبير، فبحسب تسريبات فإن ثمة ضغوطات غربية كبيرة تمارس على الحركات المسلحة من أجل ترك خيار المقاومة المسلحة والاتجاه نحو التسوية السياسية، وهو الخيار الذي وصفه مبارك الفاضل، نائب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار في حكومة الوفاق الوطني، بأنه الخيار الوحيد المتاح، في وقت كان يتحدث فيه رئيس حزب الأمة القومي قائلاً إن العقوبات الأمريكية سيتم رفعها في رمضان الفائت، وإن حقبة ما بعد العقوبات ستدشن حقبة ثانية للحوار الوطني، سيأتي بموجبها حملة السلاح للانضمام لركب السلام. الفاضل كان يؤكد على أن هذه الحركات تعاني من استمرارية النزاع وبشكل أكبر، مما تعانيه الحكومة المركزية. بحسب حديث الفاضل فإنه على الجميع انتظار الحركة الشعبية وقياداتها مرة أخرى في شارع النيل، لكن الحضور نفسه يطرح سؤالاً حول: من الذي سيعود ليشغل المقاعد المنتظرة؟ بحسب ما هو ماثل فإن مجموعة عقار وعرمان تبدو خارج اللعبة، ولم يحسم أمر (الحلو) حتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق