الاثنين، 9 أكتوبر 2017

كيف نجح السودان في رفع العقوبات الامريكية عنه؟

أخيراً، نجح السودان نجاحاً باهراً جديراً بالاحترام في استرداد حقوقه المسلوبة جراء العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب التى ظلت تفرضها الولايات المتحدة الامريكية علي منذ ما يربو على العشرين عاماً. الوسائل التى استطاع عبرها السودان دفع إدارتين –إدارة الرئيس السابق أوباما وإدارة الرئيس الحالي ترامب- لاتخاذ قرار رفع العقوبات لم تخرج عن الوسائل الدبلوماسية المعتادة القائمة على التفاوض و التفاهم والإقناع.
أقصى ما فعله السودان انه (صحح) المفهوم الخاطئ المترسخ في ذهن الولايات المتحدة عن السودان وهو تصحيح لم يكن سهلاً، إذ أن التراكمات السياسية وتتابع الأحداث وانعدام الثقة فاقم من شدة وطأتها. ومن المؤكد ان الرئيس ترامب وهو يصدر قراراه -الجمعة 16 اكتوبر2017م- برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان اعتباراً من الخميس 12 اكتوبر 2017، كان على يقين من واقع مشورة مرؤوسيه و مساعديه وكافة الجهات المساعدة على صنع القرار في واشنطن إن السودان لا يستحق ان تفرض عليه هذه العقوبات، ولهذا فحين نقرأ قرار رافع العقوبات هذا وقد اصبح واقعاً علينا ان نستصحب بالضرورة عدة اعتبارات تظل ملتصقة بملابسات وتداعيات القرار:
أولاً، من المؤكد ان القرار لم يصدر (مجاملة) أو على سبيل التبرع، ففي العلاقات الدولية لا مجال لهذه الاعتبارات، و الراجح ومؤكد أنَّ السودان نجح في إزالة المفاهيم الخاطئة عنه في ذهن صناع القرار الأمريكي، وهي مهمة كانت شاقة واستغرقت سنوات طويلة وصاحبها علم دءوب ومثابرة لم تمل لم تكل. وللذين يعرفون طريقة اعداد وصنع القرار فى المطابخ الامريكية، فان مثل هذه القرارات لا تصدر بمزاج أو هوى او مجرد استلطاف أو مبنية على احتمالات!
قد تحققت واشنطن فعلاً إن الحيثيات السابقة التى بُني عليها قرار العقوبات قد انتفت تماماً وبعضها لم يكن دقيقاً، ولذا استقر قراراها على إلغائها ورفعها نهائياً كما ورد في نص القرار الأصلي الصادر عن الرئيس ترامب.
ثانياً، إن السودان لم يقدم مقابلا لاستصدار القرار، إذ ان أقصى ما كان موضعاً للتفاوض المطلوبات الخمس المعروفة والتى لا تزيد عن أمور تتعلق بقضايا الحرب والسلام و الاستقرار في السودان ومكافحة الارهاب، وهي أمور لا يمكن اعتبارها ضمن سياق تنازلات او مقابلاً ينتقص من صميم السيادة الوطنية للسودان، بدل ل ان السودان ناقش هذه المطلوبات وعالجها علناً ولم يلجأ لإخفائها أو المراوغة فيها، لقد كانت نقاطاً واضحة نُوقشت بصراحة و عالجها السودان بوضوح تام ودون أدنى تردد.
 ثالثاً، ان السودان نجح في إثبات ان العقوبات عموماً ليست أمراً جيداً في مضمار العلاقات الدولية، فهي لا تسقط حكومات ولا تضعف سلطة، هي فقط تصيب الشعوب في معاشها اليومي وفي علاجها و صحتها و تعليمها، وهذا في واقع الأمر ما ثبت لإدارة الرئيس ترامب.
  رابعاً، نجاح السودان في رفع العقوبات عنه هو أيضاً نجاح له في إعادة لحم الدورة الاقتصادية العالمية، فهي دورة عامة شاملة تدور حول العالم كله يستفيد منها الكبار  الصغار وليس من حق  أحد كسر هذه الدورة الاقتصادية لأنها تتعلق بالموارد والمنتجات وحركة المال والبضائع والسلع التى تستفيد منها الانسانية.
نجاح السودان في استعادة هذه الدورة الاقتصادية هو نجاح للعالم بأسره فهو بهذه المثابة أضاف للعالم خطاً اقتصادياً جديداً كان مفقوداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق